غسان جانكير: فلتروا النصوص الدينية تفلحوا.

Share Button
 مِن المُمكن, بل, المُمكن جداً, أن تنتاب قارئ تقرير الشبكة السورية لحقوق الانسان, الذي صدر قبل عدة أيام, العديد من المشاعر المُتناقضة في ذات الآن . قد تكون المُتجلّية منها, الرعب و الآسى, غير أنّ xesan cangirالأكثر جلاءً في هذه المشاعر هو السخرية من كاريكاتورية ( داعش ) و هي تُجاهد في جرّ ملايين المُسلمين عنوة الى تاريخٍ من سماته أنه ماضٍ, يستحيل إرجاعه إلّا بآلة الزمن.
التقرير يُفرد حوادث القتل و التعذيب الفظيعة والجهاد في تطبيق شرائع لا تتماشى مع واقع  العصر, التي يُمارسها تنظيم دولة الاسلام في العراق و الشام ( داعش ), و يُفرد أيضاً في مُخيّلة قارئه الصور المُكوّنة لديه عن فظاعات (هولاكو) مع مَن سبقه و لحقه مِن طُغاة كان الرعب يسبقهم الى ضحاياهم .
غير أنّ ما لم يألفه الشعب السوري, هذا التناغم الواضح بين هؤلاء المُتطرفين و النظام المافيوي, في إفراغ الثورة السورية من محتواها, رغم التناقض البيّن في توجهاتهما, و الأمر الذي يستعصي على الفهم استيعابه, هو أنّ العداء المُعلن بينهما, تُقابله هدنةٌ مُضمرة عنوانها قمع الحراك السلمي, بتفجيرٍ انتحاري من هذا الطرف, و برميلٍ مُتفجّر من الآخر, وقطع رؤوس المُختلفين هنا, وقتل الناس جوعاً هناك, مع ما تستدعيه سيمفونية التناغم لتبادل الأدوار, مع ما يتبعها من الإتحاد في الأداء وقتل النشطاء تعذيباً هنا أو هناك, وهو الأمر الذي يدفع بالظن أن يأخذ مداه بألّا نجد بين داعش و النظام المافيوي فرقاً قليلاً و لا كثيراً .
الرأي الذي يتّفق عليه الناس, أو يكادون أن يتفقوا عليه سخريةً, أنّ هؤلاء الدواعش ينشدون مدائحهم في صخب حياة لا ترحم التباطؤ في مواكبتها, و رُغم الآسى و القهر, يرون أنفسهم في مسرحية هزلية, تبعث مَشاهدها على القهقهة و التندّر مِن ( منع بيع البزر لأن فصفصته تُلهي عن ذكر الله ), أو ( جَلدِ رَجُلٍ عجوز في ساحة عامة لأن أبنته لم تلتزم باللباس الشرعي ), أو ( جلد رجل آخر لأنه تكلم مع امرأة غريبة عنه ) , ( و أنّ المسواك خيرٌ مِن فُرشاة الأسنان ) .
غير أنّ الأكثر مسخرةً مِن هذا كله, هي إحدى التوصيات التي جاءت في نهاية التقرير, التي تطلب من مجلس الأمن بفرض حظر الأسلحة على ( داعش ), و اعتبار مَن يمدّهم بالمال أو بالسلاح , مُجرم حرب .
أنّ التوالد الفطري للجماعات الاسلامية المُتطرّفة, ما عادت تنفع معه المواجهة المسلّحة, أو الركون الى القول : ( هؤلاء مُتطرّفون , و أولئك مُعتدلون ), بل , بات من الضروري البحث و الأخذ بالحسبان, بأن هذا النص الديني مُتطرف و ذاك مُعتدل, و الشروع ( بفلترتها ) لِما لهذه النصوص مِن السلطان عى نفوس الناس .
Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 87 من جريدة التقدمي

صدر العدد (87) من جريدة التقدمي الشهرية الصادرة عن مكتب الثقافة و الاعلام في منظمة ...