قضى حميد أبو عبدو و80 لاجئا سوريا في لبنان، ليلة أول من أمس، بالعراء بعدما أجبرتهم بلدية قبّ إلياس في وسط البقاع (شرق لبنان) على فكّ خيامهم، على ضوء اعتراض السكان على وجودهم في المنطقة. وكانت تلك الليلة، الثالثة لهم، نظرا لرفض البلدية منحهم مهلة لإخلاء المنطقة وتعذر انتقالهم بصحبة أطفالهم إلى منطقة لبنانية أخرى.
وقال أبو عبد، النازح من منطقة الشيخ سعيد في حلب، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلدية قبّ إلياس، أجبرتهم على تفكيك خيام كانوا نصبوها في قطعة أرض استأجروها، قائلة لهم إن السكان يرفضون بقاءهم. وأضاف: «نحن الآن مرميون على قارعة الطريق. لم يمهلونا حتى نجد قطعة أرض أخرى نأوي فيها بخيامنا.. حالنا بالويل».
وأكد مصدر بارز في قب إلياس، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن أهالي البلدة وقعوا عريضة تطلب من البلدية إجبارهم على تفكيك خيامهم. وأوضح المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن أبو عبدو وأقرباءه «نصبوا 13 خيمة في منطقة قريبة من حي راقٍ، وهو ما دفع سكان الحي لتوقيع عريضة على خلفية إزعاجهم، وقدم إلى البلدية التي حصلت على إذن من المحافظة لإزالتها بأكملها، استجابة لمطلب السكان».
وقال المصدر إن اعتراض السكان «جاء على خلفية ضجيج خلفه اللاجئون، كما سمحوا لمياه الصرف الصحي بالعبور في الحيّ، ما دفعهم لتوقيع هذه العريضة التي أجبرت البلدية على التحرك».
وتعدّ منطقة قب إلياس الواقعة في وسط البقاع، منطقة زراعية، وتسمح البلدية لمالكي الأراضي الزراعية بنصب خيمة واحدة أو اثنتين على الأكثر لإيواء العاملين في الأراضي الزراعية. كما تستقطب المنطقة لاجئين سوريين يفضلونها، نظرا إلى أن أراضيها الزراعية توفر لهم فرص عمل. وتقول مفوضية اللاجئين إن اللاجئين إلى هذه المنطقة «لا يخرجون منها بسهولة نظرا إلى أنها توفر لهم فرص عمل، علما أن المخيمات فيها لم تعد تستوعب أعدادا إضافية».
وأكد أبو عبدو أنه لم يعتدِ على قطعة الأرض، مشيرا إلى أنه استأجرها من مالكها الأصلي بموجب عقد مثبت في البلدية، بملغ ثمانية ملايين ليرة لبنانية (نحو 5330 دولارا)، لمدة سبعة أشهر. ومع ذلك، «اتخذت البلدية قرارها، وأرسلت الحرس للإشراف على خروجنا من خيامنا، علما أننا لم نتسبب بإزعاج أحد، ولم نتورط في أي مشكلة ولم يعيدوا لنا مالنا الذي دفعناه»، مؤكدا أن «أطفالنا يكادون يموتون من البرد، لأننا ننام بالعراء». وقال إن اللاجئين، وهم 13 عائلة، حاولوا أمس استئجار أرض أخرى، «لكن أصحابها رفضوا السماح لنا ببناء خيام مقابل بدل إيجار». ويطالب أبو عبدو السلطات اللبنانية بمنحهم مدة شهر قبل إخلاء المنطقة، ريثما يجدون مكانا آخر ينصبون فيه خيامهم.
وأكد المصدر في البلدة لـ«الشرق الأوسط» أن أبو عبدو بالفعل «يمتلك إثباتات على أنه استأجر الأرض، لكن الأراضي هنا زراعية، ولا يمكن أن تتحول إلى مخيم للاجئين، وليس في بلدتنا مساحة لإنشاء المخيمات، فضلا عن رفض الأهالي ذلك، حتى دفع الإيجار».
ويطلق اللاجئون في قب إلياس على المخيم اسم «مخيم كريم الواوي»، وأقيم قرب المدرسة الإنجيلية في البلدة. ويحمل هؤلاء أرقاما في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ وصولهم إلى لبنان قبل شهرين.
وتدخلت مفوضية اللاجئين على خط دعم هذه العائلات القابعة في العراء. وأكدت متحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ«الشرق الأوسط» أن هؤلاء النازحين بالفعل «يمتلكون إثباتات على دفع أجرة الأرض، ويسمح لهم العقد بتشييد 20 خيمة، ولم يخل النازحون بالاتفاقية كونهم شيدوا 13 خيمة فقط، لكن السكان اعترضوا بعد انضمام عائلات جديدة إلى المخيم، وارتفاع عدد الخيام إلى 13». وقالت «إننا تواصلنا مع البلدية التي يغيب رئيسها لظروف صحية، وحاولنا جهدنا، لكن قرار الإخلاء صدر عن البلدية ويبدو أنه صدق من المحافظ».
وقالت أبو خالد إن لجنة إغاثية تابعة للمفوضية، رسمت خطة لإغاثة هؤلاء اللاجئين، وأجروا تقييما لواقعهم، مشيرة إلى أنه نتيجة للتقييم «تبين أن هناك ست عائلات من أصل 13 هي الأكثر حاجة»، مؤكدة أنه «سيكون لهذه العائلات أولوية». وأشارت إلى وجود مجموعة خيارات أمام المفوضية وشركائها، أهمها «نقل العائلات المحتاجة إلى مراكز مؤهلة، كما أننا سنساعدهم بالخدمات العينية»، مشددة على أن «المفوضية تبذل جهودا كبيرة لتجد حلولا لهذه المشكلة».
وتعد هذه المشكلة واحدة من مجموعة مضايقات يتعرض لها لاجئون سوريون.