والتر راسيل : جميع الطرق تؤدي إلى سوريا

Share Button

ركعت الولايات المتحدة على ركبتيها الأسبوع الماضي لتقبيل الضفدع من شفتيه ووقعت على اتفاق نووي مع إيران؛ الضفدع, تنزيلولكنها لم تظهر ما يشير إلى أنه تحول إلى أمير. إنها الأيام الأولى, ولكن يبدو أن الاتفاق النووي مع إيران لن يغير الكثير على الأرض. وعوضا عن حصولنا على أمير وسيم لديه حب سرمدي, لدينا نفس آية الله القديم الذي يعيب على سياسات الولايات المتحدة لأأنها معارضة دائما لسياسات إيران, في خطاب تخلله هتفات “الموت لأمريكا” و ” الموت لإسرائيل”. قائد الحرس الثوري الإيراني عارض فقرات الاتفاق التي تسمح بالوصول إلى مواقع إيران السرية العسكرية, قائلا أن الاتفاق تجاوز “الخطوط الحمراء. ولن نقبل به أبدا”.
لا يبدو أن هذا ما يتوقعه دبلوماسيونا. قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مقابلة مع العربية :” لا أعرف كيف كيف أفسر ذلك حاليا, إلا أننا يجب أن نأخذ ذلك ظاهريا, هذه هي السياسة. ولكنني أعلم أن التعليقات عادة ما تطلق علانية ويمكن أن تتطور الأمور بطريقة مختلفة. إنها السياسة, إنها مزعجة ومقلقة للغاية”. لازال هناك طرق مختلفة لتحويل إيران إلى أمير.

على فرض أن الاتفاق النووي مع إيران سوف يستمر, وان أحد أو كلا مجلسي الكونغرس لم يحصل على ثلثي الأغلبية المطلوبة لتجاوز الفيتو الرئاسي, فإن السؤال المطروح حاليا: ما هو التالي؟. ما الذي يعنيه الاتفاق حقيقة مع إيران؟ هل انتهينا من القضية النووية, من أجل تمهيد الطريق لاستراتيجية إقليمية أكثر قوة لمواجهة مسارعة إيران لفرض هيمنتها على امتداد الشرق الأوسط؟ أم أن الاتفاق النووي مجرد تحرك أولي في دراما أطول من التراجع والتخندق, والركون مع تسليم الولايات المتحدة مفاتيح الخليج الفارسي لأصدقائنا الشيعة الجدد؟

هذا هو النقاش المحتدم حاليا في مؤسسة السياسة الخارجية وقاعات الكونغرس. حجة من يسعون للمراضاة, أو آسف, من يسعون للركون هي أنه إذا اتخذنا موقفا قويا من إيران الآن, فإنهم سوف يتخلون عن الاتفاق النووي, وأن الولايات المتحدة سوف تكون وجها لوجه مع خيار واضح بأن إدارة أوباما عملت بجد لتجنب: القنبلة الإيرانية أو قصف إيران. في هذه الحالة فإن الضفدع لن يتحول إلى أمير إذا لم تكن القبلة صادقة.

يقول اللوبي الإيراني إن مشكلتنا الحقيقة هي الإرهاب السني والجهادية, ولذلك نحن بحاجة للعمل مع إيران والأسد لسحق داعش ومثيلاتها. وإذا كانت هذه الجدلية لا ترضي السنة, ماذا إذا؟ الوهابيون السعوديون ليسوا أصدقاءنا, والحركات الجهادية التي  تنتشر في جميع أنحاء العالم السني لا يمكن السيطرة عليها إلا بمساعدة من شريك إقليمي قوي مثل إيران. الروس مستعدون لدعم مثل هذا التحرك؛ وهم أيضا يحبون أن يشاهدوا الولايات المتحدة تعقد صفقة إقليمية مع الشيعة للمساعدة في حماية أصدقاء روسيا وحلفائها في سوريا – والتعاون مع الأسد وحزب الله وإيران عندما يتعلق الأمر بسحق الجهاديين السنة الراغبون في التسلل إلى القوقاز في روسيا. روسيا اليوم وأصدقاء فلاديمير بوتين سوف يرون أن هذه السياسة تشكل مثالا نادرا على الحنكة السياسية الأمريكية.

من ناحية أخرى, كلا من حلفائنا السنة (الحلفاء السابقون؟ الأمراء الذين هم في حالة تحول إلى ضفادع؟ ) وإسرائيل سوف يتقبلون الاتفاق مع إيران بصورة أسهل إذا كان مصحوبا مع عزم صادق وعزيمة على معارضة طموحات إيران الأقليمية. ربما يلين بعض الجمهوريين في الكونغرس ممن يعارضون الاتفاق, وسوف يكون أكثر سهولة للديمقراطيين مثل تشاك شومر في أن يدعم الرئيس إذا كان بإمكانهم الإشارة إلى سياسة معارضة لإيران على الأرض.

على الإدارة ولصالحها أن تدرك ذلك, وأن تشرع في جهد جاد لإقناع السنة بأنهم يمكن وعليهم أن يتعايشوا مع الاتفاق. زار وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر الرياض هذا الأسبوع, حيث ناقش وفقا للتقارير ” التعاون مع السعودية أمورا مثل منظومة الصواريخ الدفاعية والأمن اللإلكتروني والبحري, على الرغم من أنه لم يكن هناك أي أخبار حول عقد صفقات للسلاح”. كما ورد أن العاهل السعودي أخبر كارتر بأنه سوف يدعم الاتفاق, ولكن في كل مرحلة من مراحل المفاوضات حاليا, طغت على اللهجة التصالحية مجموعة من الرسائل التي تدل على عدم الرضى؛ وهذا هو أحد الأسباب التي توجب على دبلوماسيينا أن لا يكونوا مبتهجين لتصريحات الملك سلمان. الحديث الجاري في واشنطن حاليا يدور حول شحنات عملاقة من الأسلحة التي سوف ستكون في طريقها إلى الخليج.

علينا أن نحافظ على السنة على متن المركب. إذا وجدت دول مثل السعودية بأن الولايات المتحدة لا تريد وقف دعمها فقط, بل وتروج لظهور إيران كأقوى دولة إقليمية, فإنهم على الأرجح سوف يتصرفون بطريقة لا يحبها البيت الأبيض. إحدى الاحتمالات, غير المرجحة ولكن غير المستبعدة إذا شعر السعوديون باليأس, فإنهم يمكن أن يتعاملوا ضمنيا مع إسرائيل في عمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية وربما في أهداف أخرى. كما يمكن أن يمضي السعوديون قدما في برنامجهم النووي؛ و يمكن أن يحذو الأتراك وغيرهم حذوهم, ويمكن أن يعتبر الرئيس الأمريكي في التاريخ على أنه الرجل الذي تسبب في الانتشار النووي في جميع أنحاء الشرق الأوسط. أو ربما تتغاضى القوى السنية عن تمويل داعش وجماعات أخرى حيث يزيد التطرف في العالم الإسلامي من الحرب الطائفية. كما يمكن أن يعمق السعوديون علاقاتهم الوثيقة أصلا مع شبكات الأمن الإسلامية المتطرفة في باكستان, وأن تضمن أن كل من هو قريب من البرنامج النووي الباكستاني أصبح على صلة بالمملكة وحاجاتها.

بالنسبة لغالبية السنة, فإن اختبار نوايا الأمريكان هو أحد الأمور التي لا يريد أن يقدم فيها أوباما شيئا في سوريا التي عمت فيها الكراهية الطائفية والفوضى وارتكبت فيها جميع أشكال الفظائع. حاليا, عندما ينظر حكام السعودية وآخرون إلى الخرائط في غرف التخطيط, فإنهم يرون هلالا شيعيا يمتد من البحر المتوسط إلى أفغانستان, مع نقاط ساخنة في اليمن. بالنسبة للعواصم التي كان يعتقد السنة أنها لهم – بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء- فقد أصبحت تحت حكم الشيعة حاليا.

إذا كانت الإدارة تسعى للحفاظ على علاقات قوية مع الحلفاء السنة, فإن سوريا هي المكان الذي تتلاقي فيه خيوط الطريق. إذا تحالف الأمريكان سرا مع الأسد – وهاجموا داعش وحلفاء القاعدة من بين المتمردين السوريين في حين تركوا قوات الأسد – فإن النخبة السنية, إضافة إلى الشارع السني, سوف يستنتجوا أن الأمريكان لم يقبلو الضفدع فقط, بل سوف يعتقدوا أننا ماضون إلى السرير معه. ومن ناحية أخرى إذا بين الأمريكان قولا وفعلا أنهم يرون أن إيران وحلفاء الأسد على الأرض هم أعداء تماما مثل داعش, فإن تحالفاتنا سوف تبقى متينة على الأرجح.

تريد الإدارة وبكل ما تملك تجنب القطيعة الكاملة مع العرب السنة وفي نفس الوقت التقليل من أي التزامات تجاه الوضع في سوريا – أو العراق. يبدو أن الرئيس أوباما وجد أنه لا يملك خيارا سوى إظهار الحسم ضد داعش خاصة, ولكنه ليس أكثر حرصا على الشروع في حروب شرق أوسطية جديدة مما كان عليه عندما جعل اسمه يقترن بالحرب ضد العراق. إنه يريد الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران, وأن يحافظ على شبكة تحالفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إضافة إلى القيام بأقل القليل في الحرب السورية. هذه هي كل الأمور المعقولة التي يريد الوصول إليها, ولكن ربما لا يكون مستحيلا أن تحصل على جميع هذه الأمور في نفس الوقت. وربما يكون في إمكان الرئيس اختيار أي أمرين منهم. بإمكانه البقاء خارج سوريا وأن يبقي على تحالفاتنا مع السنة إذا كان بإمكانه التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران, وبإمكانه التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران وأن يحافظ على تحالفاتنا مع السنة إذا توجه إلى سوريا بمواجهة داعش والأسد معا – أو بإمكانه مراقبة تفكك تحالفاتنا مع السنة إذا طبق الاتفاق النووي واستمر في تجنب الانخراط أكثر عمقا في سوريا.

هذه الخيارات ليست جيدة, ولكنها يبدو أنها البدائل الوحيدة التي يراها الرئيس. سوف يكون مثيرا للاهتمام أن نرى ما سيحدث بعد ذلك.
يبدو أن الاتفاق النووي, التي تظهر تداعياته تباعا وببطئ, يزخر بالآليات التي تمكن إيران من خلالها أن تنجو دون أثمان إضافية للعقوبات الدولية أو تدفق الأموال. وهذا سوف يؤدي إلى مراهنة خطيرة ضد الأسد وضد الحرس الثوري. ولكن ما لم تواجه واشنطن طموحات إيران الإقليمية على الأرض, فإن الاتفاق النووي يمكن أن يزعزع استقرار الشرق الأوسط ولن يهدئ الأمور.

وهكذا لن تكون الإدارة في نهاية المطاف, كما تعتقد, سعيدة في الشرق الأوسط في أحضان أمير وسيم. من أجل إنقاذ الاتفاق الذي يأمل الرئيس أوباما أنه سوف يكون له إرث تاريخي, فإن على الإدارة أن تمارس لعبة قاسية مع الضفدع.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...