الشعب السوري عانى من النظام الاستبدادي طيلة نصف قرن نتيجة احتكار حزب البعث لكل مفاصل الحياة السياسية و الأجتماعية و الاقتصادية إلى أن وصلت الأوضاع في سورية إلى مرحلةٍ تشمئزُ منها النفوس . وبتاريخ 6.12.2010 وجه الأستاذ عبد الحميد درويش رسالة مفتوحة إلى بشار الأسد رئيس الجمهورية يطالبه بإجراء اصلاحات شاملة بُعيد تردي الأوضاع الاقتصادية و المعيشية والسياسية وامتلاء السجون بالمعتقلين السياسيين و الرأي محذراً النظام من أن البلاد تتتجه إلى أزمة حقيقية، بالطبع لم يستجيب النظام لهذا النداء وأستمر في سياسته الاستبدادية .
بعد هذه الرسالة بعدة أيام انطلقت ثورة الياسمين في تونس لتمتد إلى بعض الدول العربية أُطلِق عليها “الربيع العربي” لتصل إلى سورية في اواسط آذار 2011 ومع أتساع رقعة الاحتجاجات في المدن السورية طرح الأستاذ عبد الحميد على الأمين المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان أن يقوم الرئيس بشار الأسد بالدعوة لقعد مؤتمر وطني سوري يجتمع فيه كافة المكونات السورية وبرئاسته لبحث مطالب المُنتفضين و الإنتقال الى نظام ديمقراطي يلبي حقوق الجميع وتفاديا لوقوع كارثة ما لم يتم حل الأمور بالحوار ولكن النظام لجأ إلى الحل الأمني العسكري لقمع الثورة التي خرجت سلمية باستخدام القوة المفرطة مما دفع المتظاهرين إلى تشكيل فصائل عسكرية للدفاع عن المدنيين . وكانت النتيجة عشرات الآلاف من الشهداء والمعتقلين وأكثر من عشرة ملايين من النازحين و المهجرين .
وبعدما أشتدت حدة المعارك في معظم المدن و صمت المجتمع الدولي تجاه ما يحصل في سورية وعدم التدخل سياسياً لإيقاف شلال الدم السوري طرح الأستاذ عبد الحميد درويش مبادرة في مؤتمر القطب الديمقراطي لقوى المعارضة الذي انعقد في القاهرة بتاريخ14.5.2013 للخروج من هذه الأزمة تضمنت ما يلي : مطالبة المجتمع الدولي بإتخاذ قرار من مجلس الأمن بارسال قوات حفظ سلام دولية إلى سورية للحفاظ على الأمن ثم تشكيل حكومة اتحاد وطني من كافة المكونات تتولى هذه الحكومة تشكيل جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور عصري للبلاد يضمن التعددية السياسية والقومية والدينية و يصون حرية الرأي و حقوق الأنسان و تساوي المرأة مع الرجل في الحقوق وتضمن ايضاً الأعتراف الدستوري بالشعب الكردي وحل قضيته بشكل عادل وفق العهود والمواثيق الدولية و أجراء إنتخابات تشريعية نزيهة بأشراف دولي _عربي خلال ستة أشهر من تشكيل الحكومة و إنتخاب رئيس للجمهورية من قبل البرلمان .
لم تختلف هذه المبادرة عن ما طرحه المبعوث الأممي كوفي عنان فيما بعد والتي عُرِفت بأسم مبادرة عنان ذات النقاط الست والتي تبناها مجلس الأمن سُميت بمبادئ جنيف والذي انعقد بموجبها مؤتمر جنيف2ّ دون أن يرى النور(مؤتمر جنيف) بسبب اصرار النظام على الحل العسكري وغياب الإرادة الحقيقية لدى المجتمع الدولي وخاصة الدول التي أصبحت تملك قرار طرفي النزاع ( النظام والمعارضة المسلحة ) .
هنا لابد من التساؤل : ماذا لو اصغى النظام لنداء السيد درويش قبل الثورة أو حتى النداء الثاني في بداية الثورة ذلك بعقد مؤتمر وطني, وايضا المعارضة وفيما بعد المجتمع الدولي هل كنا سنرى كل هذا الدمار والخراب و هذا الكم الهائل من الشهداء و النازحين و المهجرين و تنامي قوى التطرف التي أتت من كل أصقاع الأرض لقتل السوريين ونشر الفكر الظلامي والتي باتت تسيطر على نصف سورية ؟؟؟ .
واليوم الكل يؤكد أن لا حل إلا بالحوار الذي يقع على عاتق السوريون وحدهم دون سواهم . والبحث عن قنوات جديدة للحوار مسؤولية الجميع فلا يمكن أن تكون من دعاة الحل السياسي وترفض الحوار بنفس الوقت, المطلوب اليوم إنقاذ ما تبقى من الشعب السوري و إلا فأن الارهاب سوف يلتهم الجميع دون إستثناء بعدما تحولت سورية إلى غابةٍ للذئاب كما يقول السيد درويش .
كردياً :بعد فشل الهيئة الكردية العليا التي تمخضت عن إتفاقية هولير وزيادة الهوة بين المجلسين الكرديين وتنامي المخاوف من المجوعات الارهابية التي باتت تهدد المناطق الكردية أطلق الأستاذ عبد الحميد نداءاً إلى الأحزاب الكردية والكردستانية بتاريخ 29.7.2014 لعقد لقاء تشاوري عاجل لبحث مستجدات الوصع السوري عامة و الكردي بشكل خاص وكيفية مواجهة الاخطار المحدقة و إتخاذ الموقف المناسب منها حفاظا على الوجود الكردي .
بعد هذا النداء بعدة أيام دخل تنظيم داعش منطقة شنكال ثم كوباني و حدث ما كان قد تنبئ به السيد درويش إلى أن دعا الرئيس البرزاني لعقد هذا اللقاء في دهوك الذي نتج عنه تشكيل المرجعية السياسية وهي الأخرى لم تترجم عمليا والذي يتحمل الطرفين مسؤولية فشلها بصرف النظر عن التفاوت في نسبة المسؤولية على طرف ما .
بقاء التهديد للوجود الكردي واصرار قوى الظلام على دخول المناطق الكردية يعني أننا بحاجة إلى ايجاد صيغة توافقية بين المجلسين الكرديين تفاديا لوقوع كارثة لا تذر ولا يمكن احصاء نتائجها الكارثية أذا ما وقعت. التعقل والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة في هذه المرحلة و الاصغاء إلى الاستاذ عبد الحميد و دعم مساعيه الأخيرة الرامية لتفعيل المرجعية السياسية وتشكيل قوة عسكرية مشتركة هو الضمان الوحيد للحفاظ على الوجود الكردي ومناطقهم من خطر قوى الظلام التي يتوقعها الجميع أن لم تواجه بموقف موحد و ملائم .
أخيراً كما يقول الفرنسيون” الحق يجب أن يُقال” فأقل ما يجب أن يقال بحق الأستاذ عبد الحميد درويش أنه رجل السلم والحوار رجل الحكمة و العقلانية .