النظام السوري أراد منذ بداية الثورة تصدير أزمته الى الخارج من خلال رفضه الحل السياسي، واللجوء الى الحل العسكري . لذا عمل على تدويل الأزمة كما شجعت بعض اقطاب المعارضة أيضاً على تدويل الأزمة، وأرادت بذلك تدخلاً دولياً لأسقاط النظام الذي لا يفهم إلا لغة القوة حسب زعم المعارضة.
امريكا تبنت استراتيجية إطالة عمر الصراع لإسقاط الدولة والتي تخدم اسرائيل بالدرجة الأولى خاصة بعد احتكام النظام لكافة انواع الأسلحة الثقيلة لقمع الثورة . فقد كان هناك من يراهن بأن رفض روسيا التدخل الدولي في سورية او حتى إصدار قرار من مجلس الأمن لإدانة النظام ماهي إلا مناورة لتساوم على الملف السوري كما فعلت في ليبيا وقبلها العراق ,لكن هذا الرهان بات خاسراً بعد اربع سنوات من الدعم الروسي المفرط للنظام.
القيادة الروسية صرحت اكثر من مرة ومن خلال لقاءاتها مع المعارضة بأنها غير متمسكة بالأسد، ولكن هذا لا يعني عدم تمسكها بالنظام ،وتبين فيما بعد بأن موقف روسيا بات اكثر تشدداً من ذي قبل ذلك خلال مؤتمر جنيف، حيث اكدت روسيا بأن هيئة الحكم الانتقالي المُدرجة في مبادرة كوفي عنان ذات النقاط الست لا تنص على رحيل الاسد، هذا يعني انتقال السلطة من الاسد ونظامه إلى الاسد ونظامه مع اشراك بعض المعارضين المعتدلين في حكومة ائتلافية موسعة . اتخاذ القيادة الروسية هذا الموقف المتشنج من الأزمة السورية ليست مرتبطة بمصالحها فقط، إنما بمصالح حليفتها أيران، التي دخلت الازمة السورية من اوسع ابوابها عبر تقديم الدعم المادي واللوجستي وإشراكها ميليشيات شيعية عراقية ولبنانية للدفاع عن النظام .
فالقيادة الايرانية اكدت بأن سورية أهم من برنامجها النووي أي أنها مستعدة للتخلي عن تخصيب اليورانيوم وفقاً للنسبة التي يطالب بها المجتمع الدولي ولكنها لن تتنازل عن النظام السوري إلا بعد ضمانات بتأمين مصالحها الاستراتيجية في سورية الجديدة .
يبدو أن التغيرات التي طرأت على المشهد الدولي وتأثيرات العقوبات الامريكية الاوربية المفروضة على روسيا بسبب تدخلها السافر في الأزمة الأوكرانية وهبوط عملتها (الروبل ) ثلاثة اضعاف أمام الدولار كما أن حليفتها أيران قد قطعت شوطاً ايجابياً في ملفها النووي مع الدول الخمسة + واحد , ايضا اخفاقها في انشاء صيغة بديلة لجنيف ذلك عبر لقاءات جمعتها مع بعض المعارضين والنظام كل على حدة للبدء بعملية سياسية في موسكو تكون تحت أشرافها , ستدفع بالكرملين إلى اتخاذ موقف جديد من الملف السوري .
فروسيا لم تؤيد ولم تعارض حتى الآن مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي يقوم بجولة ماراتونية إلى الدول المؤثرة في المشهد السوري متجهاً بعدها إلى مجلس الأمن الدولي لانتزاع قرار ملزم بتطبيق خطته القاضية بتجميد القتال كخطوة أولية، لتشكل بدورها أرضية ملائمة لأي حوار بين طرفي النزاع .
فهل ستصوت روسيا مع قرار مجلس الأمن بشأن مبادرة دي ميستورا أو على الأقل تمتنع عن التصويت دون استخدام ( الفيتو ) مجدداً ؟؟.
خاصة أن هناك تباين في مواقف بعض الدول الأوربية حيال هذا القرار مثل فرنسا وبريطانيا اللتان تطالبان بقرار تحت الفصل السابع.