أزمة الرئاسة في لبنان لم تُحل بعدْ كرسي حاكم بعبدا مازال شاغراً . اليمن السعيد في أتعس أيامه الحوار الوطني لم يرِ النور ولا الحوثيين واتباع صالح توقفوا عن قتال الحكومة . ليبيا وضعها أسوأ من اليمن حيث القتال في كل مكان ومؤخراً تنامى قوة داعش في سرّت والبركة وعدة مناطق أخرى. العراق مضطرب فلا توافق سياسي بين الفرقاء ولم يتخلص العراقيين من رجسَّ الإرهاب بعدْ . الوضع في أوكرانيا مازال يُقلَق الاوربيين والأمريكان .كل هذه القضايا حاضرة وبقوة بين الدول الكبرى بحسب المراقبين عندما يتم الحديث عن الأزمة وحلها في سورية التي مازالت تنزف دماً . فالأزمة السورية تخطَت حدودها واصبحت أزمة إقليمية و دولية وهي أبعد من مكافحة الارهاب وأكبر من عقدة الأسد و أي حل سيُعتمد من أجل سورية يجب أن يكون صالحاً لدول الاقليم أيضا وأن الحل مرهون بطبيعة قيام النظام الاقليمي الجديدة .
داعش وأخواتها صعّدوا من عملياتهم ضد السوريين لا قوات التحالف ولا الروس مؤخراً استطاعوا تجفيف منابعهم ولا حتى حرروا قرية واحدة من هذه التنظيمات ، النظام هو الآخر لا يُصغِ لكل هذه الجهود الدولية التي بُذلِت أخيراً لذا هو ماضٍ في سياسة براميل الموت والصواريخ الفراغية التي أشدّت في الآونة الاخيرة . أوروبا القلقة تبدو وكأنها كفرّت باستقبالها للاجئين وباتت خائفة من القنابل الموقوتة التي دخلت مع قوافل الهاربين من حكوماتهم وميليشياتهم وسيد البيت الأبيض يريد الاستمرار في سياسة النأي بالنفس عن سورية واهوالها بشكل مباشرة كما صرّح وزير خارجيته أن مفتاح الحل بيد السوريين وشكل النظام والدستور القادم متروك للشعب السوري عبر صناديق الاقتراع . أما روسيا تبدو وكأنها ثائرة ضد كل من حاول تقلّيم أنيابها في الشرق وخاصة سورية وليست راغبة إيقاف غاراتها الجوية حتى لو تم التوصل إلى حل بين النظام والمعارضة بحسب مسؤولين في الكرملين مؤخراً.
وسط كل هذه الخلافات والاختلافات في الرأي أعلن المبعوث الأممي ستفان ديمستورا عن البدء بجولة جديدة من المفاوضات في جنيف نهاية الشهر الأول من السنة الجديدة بين طرفيّ النزاع في سورية ولكن لم يوضح السيد ديمستورا إذا ما كان قد تم الاتفاق على كل هذه القضايا أو إذا ما أتفقوا على فصل القضية السورية عن قضايا الاقليم المضطرب ولم يوضح أيضا أنه كيف تمَ أو سيتَم إرضاء بعض الدول الإقليمية المشاركة والمؤثرة في الأزمة السورية مثل تركيا التي تعبت من المحاولة لدخول الاتحاد الاوربي لذا توجهت شرقاً واعتبرت الثورة السورية فرصة تاريخية لإثبات وجودها في المنطقة وماذا عن إيران التي أبرمت اتفاقاً مع الدول الست في فيينا حول برنامجها النووي مقابل إطلاق يدها في العراق ولبنان وسورية التي تعتبرها في صميم أولوياتها ، أخيرا لم يُخبرنّا المبعوث الأممي هل تم إزالة الألتباس حول مفهوم ” هيئة الحكم الانتقالي ” كما وردت في مبادئ جنيف 1 التي اعتبرتها روسيا بأنها لا تعني بالضرورة رحيل النظام ورئيسه هذا باعتبار جنيف 3 سيقوم استناداً على قاعدة ومبادئ جنيف 1و2 ؟؟ . من السهل دعوة طرفيّ الصراع إلى طاولة التفاوض ومن السهل أيضا إصدار قرار غير ملزم من مجلس الأمن على غرار القرار (2254 ) لطالما لم يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأجبار الطرفين على الحل الصعوبة تكمُن في الإرادة الدولية والإقليمية الغائبة حتى هذه اللحظة تكمن في حجم التنازلات بين الكبار لإيقاف النزيف السوري وأنهاء مأساة السوريين . الحل السياسي هو الأمثل والوحيد لعملية الانتقال الديمقراطي والطريق إليه طويل وشاق ومحفوف بالعقبات في حاَل نجاح هذه المفاوضات هنالك دول ستتقاسم الخسائر أما إذا فشل التفاوض فإن سورية وشعبها هم من سيدفعون الفاتورة المكلفة لوحدهم لأن الثمن هو مزيداً من الدم والدمار . فهل اتفق عواصم القرار بفك عقدة الحل والانتقال بسورية إلى بر الأمان … ؟.