مع وصول حزب البعث إلى سُدة الحكم في ٨ آذار ١٩٦٣ أصدر رئيس شعبة الأمن السياسي في الحسكة انذاك السيء الصيت محمد طلب هلال كُراساً بعنوان دراسة حول محافظة الحسكة من النواحي الأجتماعية والسياسية والقومية متهما وقتها الكُرد بأنهم أنفصاليون و أنهم يريدون اقتطاع جزء من الأراضي السورية وألحاقها بدولة أجنبية فأصبحت هذه التهمة ملاصقة للكُرد وحركتهم السياسية حتى يومنا هذا .
فصودرت أراضيهم و عُذّبوا وأعُتقلوا وتم تجريِدهمُ من الجنسية تحت هذه التهمة الباطلة .
الشيئ المؤسف أن تهمة الانفصال لم توجه للكُرد من قبِل النظام الشمولي ومن آمن به كقائد للدولة والمجتمع فقط، إنما من قبِل جزء كبير من المعارضة التي تطالب بتغيير النظام والمضي بسوريا نحو المواطنة والديمقراطية والتعددية !!!
فالحركة الكردية ومنذ نشأتها كانت واضحة وموضوعية في خطابها واهدافها ولم يكن الانفصال مُندرجاً في برنامجها فكانت على الدوام تطالب بنظام ديمقراطي يراعي حقوق كافة مكونات الشعب السوري وتحقيق الحقوق القومية للشعب الكردي ولكن ضمن إطار وحدة سورية .
و بُعيد اندلاع الثورة التي انخرط فيها الكُرد لم يكن “الانفصال” من بين الشعارات والحقوق التي نادى بها الشارع الكردي الثائر وحركته السياسية .
فكل المطالب التي طرحها الكرد على أطر المعارضة وتم التوقيع عليها فيما بعد لم تشمل “الانفصال” مثل الاتفاق بين المجلس الوطني الكردي والأئتلاف الوطني وأيضا اتفاق حركة المجتمع الديمقرطي مع هيئة التنسيق الوطنية .
ولكن أصوات النشاز لم تتوقف بين صفوف المعارضة اذ لا يترددون في توجيه تهمة الانفصال للكُرد بين الفنية والأخرى .
السؤال هنا ما هو المطلوب من الحركة السياسية الكردية لكي تزيل من هواجس هؤلاء بأن الكُرد ليسوا أنفصالين على الأقل ؟؟
مآلات هذه التهمة بدأت تظهر في المناطق الكردية مؤخرا بعد تشكيل ميليشيات (كتائب البعث قادمون و تنظيم الجزيرة عربية سورية ) التي تدعو الى محاربة الأنفصالين الكرد حسب زعمهم دون أن يُصدر أي موقف شجب من المعارضة الديمقراطية !
هذا يعني بأن نار الفتنة ستندلع بين مكونات الجزيرة ما لم يتدخل العقلاء لإيقاف طلاّب العبث بأمن الجزيرة والمُحرضين على ضرب روابط التآخي بين الكُرد والعرب وبقية مكونات المنطقة من السريان والآشوريين والأرمن و…فأنهيار العقد الاجتماعي لا يخدم سوريا بل يخدم أعدائها وكما يخدم النظام الأستبدادي الذي عمل جاهداً بنشر ثقافة الاحقاد والتفرقة بين السوريين .
فالسيطرة على الفتنة أو التنبؤ بمالآتها اذا اشتعلت صعبة للغاية وكارثية . وما يتوجب على المعارضة القيام به هو استئصال هذا الخطاب المتطرف ايديولوجيا والدعوة الى من رص الصفوف وتعزيز روابط العيش المشترك بين السوريين بعكس ما يفعل بعض المعارضين .
فالحفاظ على الأمن والسلم الاهليين مسؤولية الجميع عربا و كردا و اشوريين . فتهرب المعارضة من مسؤوليتها تجاه هذه الظاهرة الخطيرة لا تعني اعفائها منها .
وكما يُقال :: الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناولها الدواء الخطأ