يبدو للقارئ غريبا هذا العنوان اذ كيف لمُعارضة تهدف إلى التغيير الديمقراطي ولا تمارس السياسة!. هذا ما ورد ايضا في تقرير لمجموعة الازمات الدولية بأن ( المعارضة السورية تمارس كل شيء إلا السياسة) .
المعارضة السياسية السورية التي نُظمت في عدة أطر وليس في إطار واحد وهنا كان الخطأ الاول في بداية الثورة لتكون مِظلتها السياسية ولم تكن تملك وقتها مشروعا واضحا ولا رؤية موضوعية ترتقي لمطالب الثوار ومازال الوضوح غائبا في خطابها طبعا ، اذ تطالب بالحل السياسي تارةٍ و بامداد الجيش الحر بالسلاح تارةٍ أخرى، الذي الذي انقسم على نفسه هو الاخر وتحول الى فصائل، لكل فصيل رؤيته و مصدر تمويله و قائده الخاص .
ومع دخول الثورة عامها الخامس وفشل طرفي النزاع في الحسم العسكري وما آل اليه وضع السوريين نتيجة استمرار المعارك في كامل الجغرافية السورية بات العودة إلى المسار السياسي المتعثر هو الاخر امرا ضروريا و وحيدا . غالبية اقطاب المعارضة السياسية خضعت للأرهاب الفكري او ما يُسمى حديثا ب (الداعشية السياسية) ودخلت محاور اقليمية و دولية كان الشعب السوري اخر ما يهم تلك الدول التي دخلت الازمة السورية لتحقيق مصالحها على حساب الدم السوري . كما فشلت المعارضة في توحيد صفوفها المُتشرذِمة بالرغم من عدم وجود خلافات جوهرية، كما تبين مؤخرا في حوارات جمعت بين ابرز أطرها في القاهرة، وقبلها في مدريد، أنما الخلاف في بعض التفاصيل ولم يعد يُفهم كيف تطالب المعارضة بالحل السياسي والعسكري في آن واحد !! . و كيف تدعي انها مع الحل السياسي وترفض الحوار مع النظام (الطرف الأخر) .
بعد التطورات التي طرأت على المشهد الدولي و الاقليمي ابرزها اتفاقية( لوزان) بين الدول الكبرى من جهة وايران التي تلعب دورا اساسيا في الازمة السورية من جهة اخرى وايضا تشكيل التحالف العربي الذي قيل انه تأسس لتقليم مخالب في ايران في المنطقة العربية هذا اقليميا ، اما الحدث الابرز فكان تبني مجلس الامن لمبادرة المبعوث الأممي دي ميستورا القاضية باجراء لقاءات تشاورية في جنيف مع طرفي الصراع في سورية كلٌ على حدة لتشكل بدورها ارضية ملائمة للتفاوض المباشر يُخرج البلاد من دوامة الحرب خاصة ان هناك مؤشرات تؤكد بتوفير رغبة لدى المجتمع الدولي في إيجاد مخرج سياسي وفق مبادئ جنيف مع بعض التعديلات لان مآسي السوريين باتت تشكل عبئا على العالم اجمع ولم تعد مقصترة على دول الجوار فقط. ايضا بحسب بعض المراقبين ان النظام السوري وبعد خسائره في العديد من المناطق وانهيار معنويات جنود جيشه سيدفع كل هذا على التفكير لقبول الحوار مع المعارضة دون ان يتقدم بشروط مسبقة كما اعتاد .
الأن دور المعارضة السياسية ان تمارس السياسة و تُسرع في توحيد صفوفها وان تكف ان تقديم شروط مسبقة هي الاخرى والتي من شأنها أن تعيق الحوار و أن تتبنى خطابا موضوعيا للدفع ياتجاه الحل السياسي و أنجاحه لانقاذ ما تبقى من سوريا وشعبها الذي اصبح كلُ فردا فيها مشروع شهيد او مُعتقل او مُهجر . كما ان المعارضة امام مسؤوليات جمة إن كُتِب لمبادرة دي ميستورا النجاح أولها محاربة قِوى الظلام التي تنأمت في سوريا وباتت تسيطر على مساحات شاسعة من الاراضي السورية .
ولكي تُعيد المعارضة ثقة الداخل والخارج بها عليها التعقُل و تحمل المسؤولية التي تقع على عاتقها و العمل على إعادة قرارها المُصادر وامتلاك الجرأة وعدم الرضوخ للأرهاب الذي يمارسه البعض و الذين مازالوا يراهنون على الحسم العسكري و متمسكين بعدم رفع أصابعهم عن زِناد البندقية مُتيقنين بان الحل سيأتي من فوهة المدافع .
كما يُقال :أنك لن تضجع في حرب أهلك إلا أنفك ولن تقطع إلا يدك