ثمة حقيقة لا يمكن التغاضي عنها ,فلكل شعب من شعوب العالم شخصيات تاريخية كان لهم دوراً اساسياً ومميزاً في مسيرة حياتها وقيادتها أيام المحن وايصالها لبر الأمان, ولم يتوانوا لحظة واحدة في تلبية نداء الواجب الوطني ونجدة شعبهم مهما كانت الظروف والتضحيات ,فمنهم منم حققوا حلمهم ورأوا بأم اعينهم نتاج نضالهم الشاق والطويل واستلموا زمام الأمور لفترة وجيزة وتركوا السلطة بكل سلاسة وبمحض إرادتهم دون الاحتفاظ بأية مزايا أو امتيازات لهم أو لأسرهم ,والرمز الأفريقي نيلسون مانديلا خير مثال على ذلك , ولكن وبكل أسف لم يتمكن البعض الاخر من جني ثمار نضالهم .
فتاريخ الأمم كما يقول” توماس كارلاي ” ليست الا سيرة الرجال العظماء ويؤكد ذلك ايضاً ” والدا ايمرسون ” حين يقول ليس هناك تاريخ بالمعنى الدقيق هناك فقط سير شخصية. وكم كان لأمتي من شخصيات ورجال عظماء فُقِدتْ أسماؤهم في غياهب سجلات التاريخ عمداً.
فمسيرة شعبنا الكردي في أجزائه الأربعة ونضال قادته ورموزه من أجل تحقيق حقوقه القومية المشروعة، وحسب خصوصية كل جزء والتي كانت بنداً اساسياً في برامج أحزابنا الكردية وأساسًا يُعتَمد عليه لبناء ونسج العلاقات مع الأحزاب الكردستانية الشقيقة.
فكانت لكردستان تركيا رموزها وكذلك لكردستان ايران وكردستان العراق , وفي سوريا كان لنا رموزنا ايضاً فهؤلاء الذين أسسوا أول تنظيم سياسي كردي “حزب الاكراد الديمقراطيين السوريين عام 1956 ” وهم ” آبو أوصمان صبري – حمزة نويران – عبد الحميد درويش ” وانضم إليهم فيما بعد المناضلون “رشيد حمو – شوكت حنان- محمد علي خوجة – خليل محمد – الشيخ محمد عيسى ” وأعلن في( 14-6-1957 ) عن تأسيس أول حزب سياسي كردي في البلاد باسم الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا, هؤلاء هم الذين وضعوا أول أبجدية للحركة الكردية في البلاد ولكن وبكل أسف فان الخلافات الحزبية طغت لاحقاً وفي أغلب الأوقات على الواجب الوطني واحترام الخصوصية التاريخية للحدث, ناهيك عن الاّثار السلبية للأزمة التي تعصف بالبلاد والتي شملت جميع نواحي الحياة وكان لحركتنا السياسية النصيب الأكبر منها وبشكل خاص الخصوصية التي كنا نتغنى ونتمسك بها والتي توزعت بين محوري قنديل و هولير, وبقيت بين المحورين شريحة واسعة لا تمت لهما بأية صلة, منسية بين المحورين لكنها متمسكة بخصوصيتها السورية بينما يقوم الاخرون بالاحتفاء بقادة المحورين ورفع صورهم وأعلامهم ناسين أو متناسين بقية الرموز الكردستانيين .
وحتى في الاحتفالات التي تقام بذكرى تأسيس أول حزب كردي في البلاد يتم التغاضي عن ذكر أسمائهم والاكتفاء ببعض العبارات الغامضة مثل ” تم تشكيل أول حزب سياسي كردي في البلاد من قبل مجموعة من المناضلين الكرد ” ترى أليس من حق جماهير شعبنا أن يعرفوا هؤلاء المناضلين وأليس ذكر أسمائهم يعتبر من أبسط حقوقهم ورداً لجميلهم من قبلنا ,حتى وإن كنا مختلفين معهم سياسياً ولنتذكر دائماً قول فولتير الأب الروحي للنهضة الأوربية حيث يقول ” قد أختلف معك في الرأي, لكنني مستعد لأن أدفع حياتي ُثمناً لحقك في التعبير عن رأيك ” ، لكن الأبشع من ذلك عند اللجوء إلى حشر بعض الأسماء التي لا تمت بصلة للمؤسسين , غريب امر البعض منا , فهناك أشخاص وأحزاب لا ترى في سجلات التاريخ إلا ما يعجبها.
ومن المؤسف أن غالبية المؤسسين رحلوا دون أن يتم تكريمهم أثناء حياتهم أما اتباع نفس الأسلوب حيالهم حتى بعد رحيلهم دون تكريمهم فهو أٌمٌر يدعو للاستغراب والاستهجان ويدعو لوضع الكثير من علامات الاستفهام حول ذلك ووصفهم بالكثير من الصفات ؟؟؟؟؟ وأبسطها عدم الوفاء ورد الجميل لهؤلاء الاوفياء
فالواجب الوطني والقومي يقتضي الاحتفاء برموز شعبنا الكردي في سوريا أولاً دون أن ننسى واجبنا القومي تجاه الأخوة الكردستانيين , فرموز شعبنا الكردي يستحقون كل الاحترام والتقدير لما قدموه من خدمات جليلة وذاقوا مرارة وشظف العيش والملاحقة والسجن والتعذيب في المعتقلات.
لكل هؤلاء نقول إن المناضلين ” آبوا وصمان صبري – حمزه نويران – عبد الحميد درويش – رشيد حمو- شوكت حنان – محمد علي خوجة – خليل محمد – الشيخ محمد عيسى ” هؤلاء هم رموزنا وصناع تاريخنا شاء من شاء وأبى من أبى, وهذا لا يعني أبداً نكران جميل القادة الكردستانيين والاحتفاء بهم لما قدموه من واجبات قومية تجاهنا في الملمات والمحن وكرد للجميل .
كل الإجلال والإكبار والرحمة والغفران للذين رحلوا عنا وتركوا لنا وللأجيال القادمة إرثاً نضالياً كبيراً , وكل المحبة والتقدير والإجلال لذلك الجبل الأشم الذي لايزال يعمل بهمة وروح الشباب وخبرة و تجربة العقود من النضال , له العمر المديد والصحة الدائمة ” الأستاذ عبد الحميد درويش ”
وفي الختام يجب ألا يغيب عن أذهاننا ” أن الشعوب الحية تحي العظماء من ابنائها الأموات أما الشعوب المتخلفة فلا يسعها إلا أن تميت العظماء من أحيائها ”
فدعونا نكون متحضرين ولو متأخرين !!!!!!