منذ أن تم توقيع اتفاقية واشنطن عام”1997″ برعايةٍ أمريكية وبحضور السيدة مادلين اولبرايت وزيرة خارجيتها بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني , ودخولهما في تحالف استراتيجي وذلك بعد الزيارة التاريخية لمام جلال الطالباني عام ( 2002 ) لمصيف صلاح الدين ولقاءه بالسروك البارزاني , والتي تكللت بتوحيد الإدارتين ( البرلمان والحكومة وغالبية المؤسسات ) والانتهاء من حل أغلب المسائل التي كانت عالقة بين الجانبين , حيث عم السلام والأمن ربوع كردستان وطويت صفحات الماضي بكل مآسيها , مع ظهور بعض المنغصات بين فترة وأخرى إلا أن التوافق كان سيد الموقف للحل . والذي بدوره لاقى ارتياحاً كبيراً لدى جماهير شعبنا الكردي , ودفع ذلك باتجاه تحسين العلاقات بين أحزاب الحركة الكردية من جهة وبينها وبين الأحزاب الكردستانية من جهةٍ أخرى . لكن الخلاف الأساسي كان ولايزال يكمن بين الأحزاب الرئيسية الخمسة التي تتحكم بمعظم مقاعد البرلمان في كردستان “الديمقراطي الكردستاني ـ الاتحاد الوطني الكردستاني ـ الاتحاد الاسلامي ـ الحركة الاسلامية ـ و كوران” حول رئاسة الاقليم والتي طفت حالياً على السطح كأزمة بين هؤلاء الأخوة , بعد انتهاء مدة رئاسة السروك في (15/8/ 2015 ) حيث يطالب pdk ) ) بتمديد مدة الرئاسة لعامين آخرين أي حتى (2017) بسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة بشكل عام والإقليم بشكل خاص , علماً أن السروك تولى رئاسة الأقليم عام “2005” وأنتخب داخل البرلمان وبعدها في انتخابات مباشرة جرت عام “2009” وفي عام “2013” . وبعد انتهاء الولاية تمت الموافقة على التمديد لمدة عامين مقابل إجراء تعديلات على مشروع دستور الإقليم والحد من صلاحيات رئيسه , والتي لم تنفذ حتى تاريخه ولاتزال جلسات الحوار بين هؤلاء الأخوة مستمرة وكذلك الأزمة التي تنتظر الحل .
إن استمرار أزمة الرئاسة وتداعيتها , وما آلت إليه الأوضاع السياسية في كردستان العراق تدعو للأسف والقلق في هذه الظروف الحساسة والدقيقة التي تمر بها المنطقة بشكل عام والحركة الكردية بشكل خاص , والتي تستدعي المزيد من التكاتف , والوحدة ورص الصفوف وتوحيد الخطاب السياسي الكردي , لمواكبة الدور الذي يناط بالكرد وموقعهم في المعادلة الدولية والاقليمية . لذامن الضروري اتخاذ الحيطة والحذر , وضرورة التعامل مع الوضع بروح أخوية صادقة ووطنية عالية ومشاعر نبيلة بعيدة كل البعد عن النظرة الحزبية الضيقة التي لم ولن تضيف للواقع سوى المزيد من المآسي ليس لشعب كردستان العراق فحسب بل لعموم كردستان . فالتعامل الإيجابي مع الأزمة ومحاصرة تداعياتها هو عرفان بالجميل و وفاءٌ لمواقفهم تجاه الحركة الكردية والكردستانية , بدلاً من صب الزيت على النار , فاللهيب لن يقف عند حدودهم بل سيجتاحنا جميعاً .
فالآثار الكارثية التي تركتها خلافات هؤلاء الأخوة لا تزال تدفع الكثيرين لأن يصطادوا في مياهها العكرة , بغية خلط الأوراق والحصول على المزيد من المكاسب الحزبية وحتى الشخصية في أغلب الأحيان ضاربين عرض الحائط المصالح القومية العليا, فمهما كانوا حرصين فالأخوة هناك أكثر حرصاً منهم ودرايةً بواقعهم , فهم الأولى والأجدر بالحلول , ” فأهل مكة أدرى بشعابها “. إن الركون للعقل والمنطق والتأني يجب أن يكون سيد الموقف , وأن يُشَجَّع الجميع للحوار , وللتوصل إلى قرارات صائبة وسليمة لحل الأزمة وتجنيب البلاد والعباد من تداعياتها . ومن الضروري أن نكون منصفين وواقعيين في تحليلاتنا , وننهج الموضوعية والإتزان في كتاباتنا بعيداً عن العاطفة والمواقف الحزبية المسبقة , ونتجنب الألفاظ الجارحة كالتي تُطلق من قبل بعض الأخوة في بعض الأحزاب الكردية ومناصريهم, والتي تقشعر لها الأبدان , ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن ننتقد أنفسنا أيضاً قبل أن نحمل الآخرين ونجعل منهم شماعة نعلق عليها كل خيباتنا و خلافاتنا ومشاكلنا .
فهل مازلنا بحاجة إلى المزيد من المآسي والكوارث , كي نعي واقعنا ونبلغ سن الرشد لسد جميع المنافذ والقنوات أمام كل من تسول له نفسه اللعب بمصير شعبنا الكردي.؟؟؟؟؟؟؟ لكن آمالنا كبيرة في القيادة التاريخية للحزبين الشقيقين , وقدرتهما لاحتواء الأزمة والتصدي للمؤامرات التي تحاك , وايجاد الحلول المناسبة , فتصريحات السيد ملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني “بأن كردستان بحاجة الى حكم مشترك بين الديمقراطي والاتحاد الوطني خلال السنوات العشر القادمة ” و ” سوف نقف في وجه كل من يدعو لإنشاء إدارتين في الإقليم ” , وكذلك تصريحات الأخوة في الديمقر اطي الكردستاني, خير دليلٍ على ذلك , فالحل قادم وإن تأخر قليلاً !!!!!!
عضو اللجنة المركزية
للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا