منذ اندلاع الثورة السورية في أواسط آذار (2011) كنتيجة طبيعية لإنعكاس وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية و وصولها الى أدنى المستويات , و تيمناً بثورات الربيع العربي , كانت المعارضة العربية سباقةً في تشكيل الأطر السياسية تحسباً للتغييرات المحتملة التي يمكن أن يتمخض عنها المستجدات في البلاد .
وكذلك كانت أحزاب الحركة الكردية التي لم تقف مكتوفة الأيدي حيال الأحداث التي كانت تعصف بالبلاد ,حيث لجأت إلى حل الأطر السياسية التي كانت موجودة على الساحة السياسية الكردية استجابةً لراهنية الحالة السورية والتي طغت على جميع الخلافات التي كانت قائمة ,حيث تم وعلى عجالةٍ تأسيس إطار سياسي توافقي جامع يضم أغلب أحزاب الحركة الكردية باسم المجلس الوطني الكردي بتاريخ ( 26 / 10 /2011 ) , وذلك رغم كل الصعوبات والعقبات التي واجهتهم ,واضعين مصلحة الشعب فوق كل الاعتبارات الأخرى ,لذا اتخذ العديد من المواقف الصائبة والسليمة حيال الأزمة التي لا زالت تعصف بالبلاد منذ بداياتها حيث دعى منذ البداية إلى ضرورة الحفاظ على سلمية الثورة والخيار السلمي لحل الأزمة وبمشاركة جميع مكونات الشعب السوري , وبناء دولة اتحادية بنظام ديمقراطي تعددي برلماني وتحقيق الحقوق القومية المشروعة لشعبنا الكردي وفق العهود والمواثيق الدولية ..
وفي المجال الوطني تم بذل الكثير من الجهود مع أطراف المعارضة الوطنية لتوحيد المواقف والرؤى، وجاء الانضمام للائتلاف الوطني بعد توقيع وثيقة تفاهم بين الطرفين. ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن المجلس كان وبحق وسيلةً نضالية هامة حيث لعب دوراً مهماً في تمثيله دبلوماسيا فكان وبحق خير ممثلٍ لشعبنا الكردي في المحافل الإقليمية والدولية وجنيف 1 و 2 خير شاهد على ذلك , وهذا لا ينفي البتة وجود بعض السلبيات التي كانت تظهر بين فترةٍ وأخرى .
وعلى الصعيد الكردي كان لابد من الحوار مع بقية الأطراف في الحركة الكردية وخاصة بعد تشكيل مجلس شعب غربي كردستان ( EGRK) والذي ضم في صفوفه ( p y d) والمنظمات التابعة له تحاشياً للتصادم وتوحيداً للقوى والمواقف على كل الصعد داخلياً وإقليميا ودولياً .وتم توقيع اتفاقية هولير في ( 23 /11 / 2015 ) ورغم تنصل الطرف الاخر من التزاماته إلا انه وبعد اجتياح كوباني من قبل تنظيم داعش الإرهابي كان لابد من توحيد الصف الكردي بغية مواجهة خطر داعش فكانت اتفاقية دهوك ثمرة ذلك والتي وقعت في ( 22 /10 / 2014 ) وبكل أسفٍ كان مصيرها الفشل كسابقتها اتفاقية هولير وتفاهماتها.
من خلال ذلك السرد المقتضب يبدو وبشكل جلي ما قدمه المجلس الوطني من خدمات جليلة على الصعيدين الوطني والقومي ناهيك عن تمثيله لشعبنا خير تمثيل في المحافل الدولية جنيف 1و2) , مستندا على قاعدة راسخة من التوافق الذي كان سيد الموقف في اتخاذ القرارات المصيرية , واضعين نصب أعينهم المصالح العليا للشعب وفي مقدمة سلم الأولويات وحتى الحزبية في أغلب الأحيان من قبل بعض الأحزاب ,حيث أعطى ذلك زخماً كبيرا لعمل المجلس ومكانته .
إلا أن ذلك النشاط بدأ يخبو يوماً بعد يوم لأسباب عديدة ,وفي المقدمة منها تدخلات الأحزاب الكردستانية ومحاولاتها تشكيل محاور داخل المجلس واصباغ المجلس بلون واحد , وكان لإنسحاب بعض الأحزاب ذات الشأن من المجلس اثراً سلبياً على وضعه الذي ازداد سوءاً وذلك على خلفية تشكيل المرجعية السياسية والتسرع في اتخاذ قرار فصلهم من المجلس , حيث بدأ المجلس يفقد توازنه والدخول في حالة عطالة , وأصبحت مسألة اتخاذ قرار من الصعوبة بمكان بعيداً عن الأجندات الخارجية وتدخلات الأحزاب الكردستانية التي تحاول وبشكل دائم الهيمنة على مقدرات المجلس عن طريق دعم بعض الأحزاب و تشكيل محاور داخلية بدعم وتأييد الأحزاب الصغيرة واستخدامها عند الحاجة لتمرير أجنداتهم الخاصة .
لذا كان من الضروري عقد المؤتمر الثالث للمجلس الذي تأخر انعقاده أكثر من سنة ونصف لعل وعسى يتمكن من اتخاذ قرارات قد تخرجه من حالة العطالة التي يعيشها، حيث انعقد بتاريخ ( 16 /6 / 2015 ) وكانت نتائجه وبكل أسف مخيبةً للآمال التي عقدت عليه ,فقد كان وبحق أكثر وضوحاً وجرأةً بترسيخ الحالة التي أدخلت المجلس بذلك الوضع المؤلم قبل انعقاد المؤتمر, واضعين نصب أعينهم المكاسب الحزبية الضيقة وإرضاء المحاور الكردستانية وضع ذلك فوق كل الاعتبارات الأخرى والتي كانت واضحةً قبل وأثناء وبعد المؤتمر الثالث ترسيخاً للعقلية السابقة .
وكان من أهم نتائج تبني تلك العقلية جر المجلس للمزيد من المزالق وفقدان الثقة بين الأطراف المكونة له والتي أدت الى إحجام التقدمي عن المشاركة في لجانه والانسحاب من جميع لجانه بما فيها لجنة العلاقات الخارجية ,وبالتأكيد سيكون لذلك تداعيات سلبية في حال استمرار و إصرار التقدمي على موقفه والذي ربما يكون عاملاً للمزيد من الخلخلة للهيكل التنظيمي والسياسي للمجلس العتيد .
إلى ذلك تبقى كل الآمال والعيون في حالة ترقب وانتظار لما سيقدمه المجلس في هذه المرحلة الحرجة التي يعاني فيها أبناء شعبنا الأمرين جراء الظروف الاقتصادية والاجتماعية وبشكلٍ خاص الهجرة الجماعية التي سيكون لها اّثار كارثية مستقبلا ولا يمكن تداركها.
فهل سيستعيد المجلس رونقه ودوره الذي أنيط به ويعيد البسمة لتلك الجماهير التي خرجت بعشرات الاّلاف في جمعةٍ خاصة بتاريخ (19 /11 /2011) وتحت شعار المجلس الوطني الكردي يمثلني ويعيد الثقة بين مكوناته ويعمل على تطبيق نتائج المؤتمر الثالث على أرض الواقع وتفعيل لجانه ؟؟؟؟ّ!!!!
وبانتظار الحلول على أرض الواقع تبقى كل الاحتمالات واردة ومشروعة للحفاظ على خصوصيتنا السورية التي نعتز بها دائماً وأبداً !!!!!!!!!!.