القوات العسكرية الأمريكية لم تستشير الكرد عندما دخلت الأراضي السورية، وهي لم تدخل من أجل عيون الكرد السوداء، وإنما من أجل مصالحها الخاصة، كما إنها عندما تريد أن تخرج من سوريا فهي سوف لن تستمع إلى الكرد ولايهمها أيّ مصير سوف ينتظر الكرد من بعدها، لا بل إنها بخروجها أضاءت الإشارة الخضراءة للجيش التركي ليجتاح الحدود.
قالت أمريكا علناً بأنها جاءت إلى سوريا من أجل دحر إرهابيي الدولة الإسلامية (داعش)، وفضلاً عن ذلك يبدو إنها ترمي إلى إضعاف موقع روسيا وإيران أيضاً، ولكن تبين لها بأنها لن تنجح في ذلك، لابل ربما تعزز هذا الموقع أكثر، ولهذا فقد حققت هدفها المعلن، وهو القضاء على داعش، عن طريق المقاتلين الكرد والقوات الموالية للنظام السوري وبدعم ومساعدة قواتها أيضاً، والآن لم يعد من مصلحتها البقاء في سوريا لأسباب عديدة، قبل ما يقارب العام اتخذت القوات الأمريكية أيضاً مثل هذا القرار، ولكنها استجاية للضغط الداخلي أبقت على قوة مؤلفة من (2000) شخص، ولذلك كان قرار خروجها بشكل كامل منتظراً، وبذلك سيفقد الكرد هذا الدعم الذي كانوا يتلقونه في تلك المناطق، في وقت كانت القوات التركية من جهتها تنتظر فرصة كهذه، هذا إن لم يكن قد أشعل لها الضوء الأخر، واضح جداً بأن أردوغان يهدف إلى تصفية العنصر الكردي وقواته المدافعة، وهو لم يخف ذلك ويقوله علناً، ولهذا كان يجب على القوى السياسية في غرب كردستان أن تكون أكثر دقة وحرصاً، وأن تفكر قبل الآن في الخيار الثاني، وخاصة بعد احتلال مدينة عفرين، وعندما كانت أكثر جاهزية وقوة، وهو الدخول في الحوار مع النظام السوري وأيضاً مع الجانب الروسي، لا أن تنتظر سياسة ترامب غير المستقرة، وتضطر أخيراً وهي في موقع الضعف إلى خيار الحوار مع الأسد.
قد يكون مرّاً، ولكن كما قال مظلوم كوباني فإن خيار إنقاذ الشعب هو الأهم بالنسبة لهم، والآن ايضاً هذا الخيار ليس النهاية، وإنما يجب أن تذهب كل القوى السياسية والعسكرية في غرب كردستان إلى طاولة الحوار معاً بموقف موحد، وأن تكف عن صراعاتها الحزبية الضيقة، وتذهب إلى الحوار بموقف يخدم المصلحة القومية لجماهير كردستان وبرعاية الأمم المتحدة وروسيا، والوقت الآن مناسب جداً لأن معظم الدول تتضامن مع قضية الشعب الكردي، وترى هذه الدول هجوم أردوغان احتلالاً عنصرياً.
يستطيع الاتحاد الوطني الكردستاني أن يلعب دوراً بالاعتماد على علاقاته الواسعة، وكذلك على سوريا أن تبادر إلى الإقرار بحقوق الكرد من أجل إعادة الأمن والإستقرار إلى المنطقة وحماية وحدة سوريا، على أمل أن لا يتحقق هذه المرّة ما قاله جوناثان راندل الذي يقول في كتابه (أمة في شقاق)، بأن الكرد شعب شجاع ينتصر في الحرب مع اعدائه، ولكنه يهزم عندما يجلس إلى طاولة الحوار، وإن انتصار الكرد في الحوار يتحقق فقط وفقط بوحدة الصف والموقف الكردي، ولهذا من المهم أن لاتضيع القيادة الكردية في غرب كردستان هذه الفرصة من بين يديها، وتبادر الى اللقاء والخروج بموقف موحد تجاه هذه الكارثة التي تهدد شعبنا في كردستان الغربية.
16/10/2019
المقال منشور باللغة الكردية في موقع (مودا بريس/ mewdapress.org)
ترجم المقال إلى العربية موقع (الديمقراطي/ dimoqrati.info)
——
* – نرمين عثمان: عضوة في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، ووزيرة سابقة في الحكومة العراقية.