ندى الازهري : التلفزيون السوري فوق أشلاء مدينة

Share Button

سواء كان من أظهرهم هم من الشبيحة «مواطنيه» أم من سكان منطقة موالية للنظام أو كانوا حقاً من سكان ذلك الحيّ الحمصي الهابط من الجحيم، فإن التلفزيون السوري أثبت أنه ما زال على 7092911567_a7c89a530d_zالعهد به صاعقاً باحتقاره لكل كرامة إنسانية.
يوم خروج المقاتلين من حمص القديمة ودخول الجيش وفرق «الدفاع الوطني» إليها، تهيأ التلفزيون السوري لبث مباشر لهذا اليوم «العظيم». مراسله من حمص يمرح ويقفز مبتهجاً على أنقاض المدينة وجثثها… لا يكتفي، يجلب معه جيش المؤيدين ليعبروا بتلك «العفوية المصحوبة بالحرية» التي عوّدنا عليها هذا التلفزيون، عن شكرهم للجيش وتأييدهم المطلق للقائد الأبدي وفرحتهم التي لا توصف بالعودة.
هل ثمة فرحة يمكن لها أن تخرج في مكان كهذا؟ عدسة التلفزيون لم تستح من إظهار دمار لا يمكن وصفه بالكلمات إنما استطاعت هي إظهاره بكل فظاعته ليكون خلفية لنقل «بهجة» هؤلاء الزائرين لحيّهم. ولكن، من أين تأتي البهجة في ظرف كهذا؟ سواء، كنت مؤيداً، معارضاً أم محايداً، كيف لك أن تشعر بذرة من البهجة أمام دمار حيك، بلدك وفوق بقايا جيرانك وأهل مدينتك؟ مرح وأنت تدوس أشلاء مدينتك وأشلاء سكانها؟
التلفزيون الرسمي السوري لم يقصر في إظهار فظاعة الإنسان الشامت وفي اللعب على الطائفية وهو يدخل في حيّ مسيحي ويبيّن عائدين من أهله، فرحين… لم يقصر في الجري وراء الناس ليعطوه آراء. ومنذ متى يعطي هذا التلفزيون «الكلمة» للمواطنين؟ حين يكون على ثقة منها. إنه لا يحتمل من يريد تعطيل حمى البهجة الجماعية التي أراد إظهارها، وحين يقترب من امرأة كانت وحيدة أمام هول ما ترى متوقعاً أن تبثه سرورها هي الأخرى فوجئ برفضها الكلام. «ما في شي بينحكى»، قالت باكية وهي تبتعد. والمذيع المبتهج لا ينفك يحاول تفسير موقفها، إنه مستغرب في قرارة نفسه. «كيف تسمح هذه لنفسها بعدم الحديث معه؟ أو بالأحرى كيف تجرؤ؟». وحين نسمع صوتاً آخر يرفض المشاركة تدور الكاميرا بعيداً عن صاحبه وتنشغل بإظهار الدمار الذي حققه «المسلحون» وحدهم. كانا اثنين فقط من رفضا الرد، ولكن أين هؤلاء الذين نرى كتاباتهم الساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين ينعون حمص؟ لماذا غابوا عن «شاشة الوطن»؟ المراسل الهمام المطيع لم ينس استغلال حماسة العائدين لتذكيرهم بممارسة «حقهم» الانتخابي بعد أيام…
وفيما يلخص أسفل الشاشة أقوال الناس فيتحول «المسلحون» إلى «إرهابيين»، يحكي المذيع في الاستديو عن المصالحة. مع من؟ هذا ما لم يحدده.
تحية إلى تلك المرأة ولهذا الرجل اللذين احترما حرمة الموت أكثر من تلفزيون بلدهما.

نقلا عن الحياة

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...