إن تاريخ الدين الإنساني حافل بالتصورات والأفكار وبالقوى الغيبية المفارقة لعالمناوالتي تكمن خلف هذا الوجود وتتحكم بمساره التاريخي الذي نشا نتيجة تأمل الإنسان في تناقضات وظواهر العالم والكون من حوله كالحياة والموت والنور والظلام والخير والشر، الصحة والمرض…الخ.
عالم كامل من التناقضات يفرض نفسه على فكره وذهنه، لا إجابة لها، أن الدين الوعاء الذي تسكب فيه كل الظواهر والأحداث البشرية والتصورات الواقعية التي تفتقر إلى الحقيقة المطلقة،. لذلك لايمكن الإلمام العلمي الكامل للدين وان العلوم الإنسانية هي علوم نسبية بالرغم من أنها تمتلك أدوات وطرائق علمية.
تذهب المصادر والكتب التاريخية التي تبحث في نشأة الدين الإيزيدي إلى أنها ديانة مغرقة في القدم وهي من بين مجموعة من الديانات الشرقية الهندو إيرانية، التي تسبق الديانات السامية بقرون.
كما أن غالبية معتنقي هذه الديانة ينتمون إلى الشعب الكردي وجذوره الممتدة في أحشاء التاريخ ومنطقة الشرق، حيث أن أصل الإيزيديين يرجع إلى النبي زرادشت، كانوا يسكنون في منطقة اسمها (اليزد) وهي اسم لمنطقة في إيران انتشرت فيها الديانة الزرادشتية وقبل هذا كان اعتقاد الشعوب الآرية في المنطقة بالإله الواحد وهم يسمون أنفسهم بالازداهيين، أي شعب الله وأتباعه المباشرين ومنذ ذلك الوقت يسمون بالعقيدة اليزدانية (الأزداهية).
أن تاريخ هذه الملة أو الطائفة (الإيزيدية) وما لاحقها من تحريف وتزوير تجعلنا من الصعب التعرف على فلسفتها الروحية الحقيقية الخالصة وصعوبة التعرف على محتوياتها اللاهوتية وطقوسها،كما انه من المؤسف أن أقلام المؤرخين والإخباريين والرواة كتبوا عن هذه الملة… إما بحقد وكراهية وتعصب معاد، أو بإطلاق الأحكام والفتاوى والتأويلات تبعا للعواطف وبناء على ما تواتر وشاع ومنهم من وصف ورسم وتخيل …من أجل التشويق والترغيب.
وبالرغم من سرية هذه الديانة وانتقالها عبر الأجيال شفهياً إلا أنها تطورت كذلك في مناطق واسعة من كردستان تحوّلت إلى شبه ديانة مستقلة، وقد تعرض أتباع هذه الديانة على الدوام التاريخي إلى شتى أنواع الظلم والاضطهاد من قبل الشعوب والأمم المجاورة لهم وآخرها الإسلام ابتداء من العصر الراشدي وانتهاء بالحكم العثماني الإسلامي، والمعطيات التاريخية المدونة تذكر لنا مصير أتباع هذه الديانة وما لحقها من اضطهاد وقمع طائفي، اذا حاول العقل الإسلام السياسي صهر الإيزيديين في البوتقة الإسلامية وليس فقط الإيزيدية بل كل الأمم والمعتقدات التي كانت تجاورها وتقف في وجهها فالإسلام كدين سياسي كان يهدف إلى سياسة الصهر والعنف ضد الأديان الأخرى التي لم ترفع رايتها… فمن لم يكن مناصرا له كان يعتبر ضدا أو ندا له، وباعتبار الإيزيديين أبو أن ينضووا تحت لواء الإسلام ودافعوا عن معتقداتهم واستقلاليتهم لذلك تم إلصاقهم بكل من خالف الإسلام أو خرج عن طريقهم.
أن القارئ والمطلع على التاريخ الإسلامي مع الإيزيديين لن يغفل عنه أن الغزوات الإسلامية وآخرها الإسلامية التركية قد اتخذت من الدين سياجا إعلاميا ليرتكب أبشع الجرائم والمجازر بحق الإيزيديين كدين وقومية، والتي أدت إلى تشرد شعب وضياع للثقافة والتعاليم الروحية لهذه الديانة واندماجها في معتقدات وثقافات روحية أخرى وإخراجها من مسارها الروحي نافلا على ذلك إحراق كل ما يتعلق بها من كتب ووثائق وآيات ومواعظ من قبل المؤسسات الإسلامية السياسية المتعاقبة وملاحقة شيوخها وقتلهم بتحريض من علماء وفقهاء والأئمة المسلمين وتحت راية الجهاد في سبيل الله.ويعتبر الديانة الأيزيدية = الأزداهيّة من أقدم ديانات الكرد, كما ويعتبر الأيزيديين من أعرق أصول الأكراد , فالأيزيدية تعود بتاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد وعلى ذلك يخطأ الكثيرون عندما ينسبونهم إلى يزيد بن معاوية بعد انهيار الدولة الأموية وأيضاً يربطون اسم الأيزيديين بيزيد .