استهل د.صلاح درويش كلمته بالاهمية التاريخية لتأسيس اول حزب سياسي كردي في 14 حزيران 1957 باسم الحزب الديمقراطي الكردي والذي جاء ليعبر عن تطلعات الشعب الكردي في التحرر و اعادة الدور الوطني و الحضاري للكرد في المنطقة ، اذ اكد درويش ان اهداف الحزب حينذاك تجسدت في تعريف الشعب الكردي بحقوقه القومية المشروعة و اطلاع المجتمع السوري بعدالة قضيته وصولا الى ايجاد الحل العادل لها باساليب سياسية سلمية .
واردف درويش قائلا: ازاء هذا الطرح وبدلا من التعامل الايجابي مع المطالب المحقة للحزب لجأت حكومة الوحدة الى شتى اساليب الترهيب و التخويف فاقدمت على حملة شعواء لاعتقال جميع منتسبي الحزب المذكور بما فيها الهيئات القيادية للحيلولة من عدم اتساع دائرة النشاط الحزبي. و على الرغم من ذلك وعلى العكس من المبتغى ألتف الجماهير الكردية حول الحزب الوليد ولم يلجأ الحزب حينذاك الى ردات فعل و لم ينجر الى التطرف و التفكير في استخدام العنف كوسيلة لتحقيق اهدافه بل على العكس من ذلك اعتمد الاعتدال و الواقعية وما زال يتبع نفس الاسلوب النضالي.
وقال درويش : لم يكن الحزب بعيدا عن بعده كردستاني ولكنه كان يعتمد سياسة الاحترام المتبادل وأخذ خصوصية كل جزء من اجزاء كردستان بعين الاعتبارحيث اثنى على نضال الشعب الكردي في عموم كردستان و كان الداعم و المؤآزر الحقيقي للثورات الكردية .
ومن جانب آخر عرج السيد درويش الى ثورة الشعب السوري 2011 و التي ادخلت سوريا الى حالة مغايرة تماما لما سبق ، اذ اكد على وقوف الشعب الكردي مع الثورة و مطالب الشعب السوري في الحرية و الكرامة باعتبار الشعب الكردي اكثر ممن عانوا في ظل الانظمة الاستبدادية المتعاقبة على سدة الحكم في سوريا. ولكن مع تغير المسار السلمي للثورة وتحوله الى المسار العسكري امتدت ايادي القوى الاقليمية و الدولية الى العمق السوري وتدخلت بشكل سافر في الوضع السوري ، كل حسب مصالحه الحيوية دون الاكتراث لمطالب الشعب السوري و الاهداف الحقيقية للثورة .و استطرد قائلا: من هنا لا يبدو ان هذا الوضع سينتهي في الامد القريب لانه ببساطة لم تتحقق اهداف القوى الاقليمية و الدولية بعد ، كما انه من الضروري الاشارة اليه ايضا انه ما من قوة اقليمية او دولية تريد حلا سلميا للوضع الراهن لذا آن الاوان ان يدرك الشعب السوري هذا الامر و يلتفت الى عمقه الوطني لايجاد الحل الوطني للازمة المستفحلة ، وتابع قائلا: ان حزبنا ادرك مخاطر انزلاق الثورة الى العسكرة لذا دعا امينه العام السيد عبدالحميد درويش منذ بدايات الثورة السلمية الى عقد مؤتمر وطني يجمع السوريين تحت خيمة واحدة لتدارك الامر قبل فوات الاوان ولكن بات الآوان قد فات و ارقام المؤتمرات في جنيف وآستانة نحو التصاعد المضطرد.
ابدى درويش موقفا في غاية الوضوح اذ اكد ان النظام القائم و المعارضة الحالية غير مؤهلين وغير جادين لايجاد حل للازمة السورية باعتبارهما يحاربون بالنيابة عن الممولين الحقيقيين .
كما اكد درويش ان موقف النظام السوري حتى هذه اللحظة لم يتغير قيد انملة بشأن القضية الكردية ومازال يرى في الشعب الكردي الخطر الذي يهدد كيان الدولة السورية ، وكما اكد درويش ان موقف المعارضة السورية يتراجع يوما بعد يوم من القضية العادلة للشعب الكردي في سوريا اذ تراجع الائتلاف الوطني للمعارضة و الثورة السورية عن الوثيقة الموقعة مع المجلس الوطني الكردي عندما كنا جزء منه و اعتمد الطرح العروبي الاسلاموي ولا سيما بعد تشكيل ما يسمى بالهيئة العليا للمفاوضات.
من جانب آخر تحدث د.صلاح عن العلاقات البينية الكردية في كردستان سوريا اذ ذكّر الحضور بتشكيل المجلس الوطني الكردي في سوريا واهميته ، اذ كان لزاما على الحركة السياسية الكردية توحيد الصفوف لمواجهة التحديات المحدقة بالشعب الكردي لذا كنا ممن عمل على تحقيق ذلك بعيدا عن الانانيات الحزبية و استطعنا انجاز ذلك في نهاية 2011 ولكن نتيجة لروح الهيمنة و التلكأ في اتخاذ القرارات و الضعف في الاداء آثرنا الخروج من صفوفه عسى و لعل الاطراف التي تدعي الانسجام ووحدة في الافكار و الرؤى تستطيع خدمة الشعب الكردي اكثر .
ومن هنا انتهج الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا خطا سياسيا آخر مغاير لما هو قائم اذ يعمل الآن ومنذ المؤتمر الرابع عشر على تشكيل مركزا للقرار السياسي الكردي بعيدا عن الاجندات كردستانية مع الاحترام الكامل لكل القوى الكردستانية الداعمة و المساندة لحقوقنا. واردف درويش في هذا الصدد قائلا : اننا لم نصل الى مبتغانا في تشكيل المرجعية الكردية و بناء شراكة حقيقية بين الاطراف الكردية في كردستان سوريا بسبب عدم تجاوب الطرفين الرئيسين تف دم و المجلس الوطني الكردي ، اننا سوف نسعى الى ايجاد الشراكة الحقيقية لافساح المجال امام جميع القوى الفاعلة للقيام بدورها الوطني و القومي لا ان يتم الاعتقال بسبب مخالفة الآخر في الرأي او الاعتقاد السياسي والذي يعد عملا مدانا من قبلنا.
لم ينس د.صلاح التطرق الى موضوع تقسيم سوريا اذ اكد ان الشعب الكردي لا يعمل من اجل تقسيم سوريا ولكن استمرار الحرب و استمرار القوى الاقليمية و الدولية في تأجيج الصراع قد يفضى الى ذلك ، ان الشعب الكردي وبما فيه حزبنا يدعو الى انهاء الحرب والانتقال بسوريا من دولة فاشلة الى دولة مفيدة تضمن حقوق كافة مكوناتها بما فيه الشعب الكردي في الحرية و الديمقراطية و العيش الكريم.
واكد درويش قائلا: لن يستطيع اي طرف سياسي بعينه مهما بلغ من القوة ادارة المرحلة بمفرده وان مفرزات الحرب تنتهي بانتهاء الحرب وان الانتباه الى ذلك امر في غاية الاهمية .
واخيرا عبر د.صلاح رفضه لتنظبم داعش و اخواته و ادانته للارهاب الذي يمارسه وفي نفس الوقت عبر عن رفضه للاستبداد السياسي لان كلاهما لا يخدمان مصالح الشعب السوري بجميع مكوناته. و اكد على وقوفه مع جميع القوى الديمقراطية السورية التي تنشد بناء دولة تعددية ديمقراطية تحقق تطلعات جميع مكونات الشعب السوري.
*يذكران د.صلاح درويش القى هذه الكلمة على الحفل الذي اقامته منظمات اوروبا للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا في مدينة دورتموند الالمانية في 17.06.2017 بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الحزب
فرهاد ميرو
19.06.2017