اعدت فرنسا مشروع قرار ينص على إحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، راعت في صياغته حساسيات الولايات المتحدة، كما افادت مصادر أممية متعددة.
والمعروف أن الولايات المتحدة لم تصادق على اتفاقية روما والنظام الأساسي الذي أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية بموجبه، خشية أن يشمل ذلك تقديم جنودها إلى المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كما أنها تواجه في سوريا معضلة أخرى هي هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل. وكانت الولايات المتحدة اعربت منذ فترة طويلة عن القلق من ملاحقة حليفتها قضائيًا إذا أُحيل ملف الجولان إلى المحكمة الجنائية الدولية.
مع مراعاة قضية الجولان!
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر اطلعت على نص مشروع القرار قولها إن فرنسا أخذت في اعتبارها هذه الهواجس الاميركية بتحديد النزاع المستعر في سوريا تحديدًا ضيقًا على أنه بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات المتحالفة معه وفصائل المعارضة المسلحة خلال الفترة الممتدة من آذار (مارس) 2011 حتى اليوم.
ويقترح مشروع القرار الفرنسي، الذي سيوزع على الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن الاسبوع المقبل، إحالة “الوضع” إلى المحكمة الجنائية الدولية، في نص مصاغ بعناية لتجاوز قضية الجولان.
كما راعت فرنسا مخاوف الولايات المتحدة بنص القرار على استثناء “المسؤولين الحاليين أو السابقين أو الأشخاص” من البلدان التي لم تصادق على اتفاقية روما، ما عدا سوريا. وبهذه الطريقة، يتمتع الجنود الاميركيون بحصانة ضد الملاحقة القانونية إن تدخلوا بأي شكل في النزاع السوري.
إحالة لمجلس الأمن
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، وزّع مشروع القرار على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن البعثة الاميركية امتنعت عن التعليق، ورفضت البعثة الفرنسية التطرق إلى نقاط محدَّدة من النص. ومن المتوقع أن تستخدم روسيا حق النقض (فيتو) لاجهاض القرار، لكن نيل تأييد الولايات المتحدة بصيغته المتفهمة لهواجسها سيعزل الكرملين أمام العالم برفضه إدانة انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان.
وكانت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان، دعت مجلس الأمن إلى إحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأعد تحقيق منفصل قائمة سرية باسماء المشتبه بارتكابهم جرائم حرب.
وقال كين روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان، إنه كان يتمنى لو وقعت الولايات المتحدة على اتفاقية روما، “لكن مشروع القرار الفرنسي صيغة توافقية سليمة لملاحقة اولئك الذين يرتكبون فظائع جماعية في سوريا”.
وبسبب عدم مصادقة سوريا ايضًا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المحكمة لا تستطيع فتح تحقيق في انتهاكات نظام الأسد، إلا بالإحالة إلى مجلس الأمن الدولي. وهذا ما فعلته مع نظام القذافي في ليبيا في العام 2011.