احتدم الجدل بين المكونات الرئيسية في محافظة كركوك (260 كم شمال بغداد)، على مشروعٍ قرار صادف عليه لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأميركي والذي يقضي بتزويد الكورد والعشائر السنيّة العراقية بالسلاح ودعمهم في محاربة تنظيم “داعش”، حيث طرح ممثلون كورد في مجلس المحافظة المشروع الأميركي وصادقوا عليه، وسط “مقاطعة التركمان للجلسة” ورفضهم التصويت، قابلها تحفظ عربي على “طريقة إدارة الجلسة”.
وأعلنت الكتلة التركمانية مقاطعتها الجلسة الإعتيادية التي عقدها مجلس محافظة كركوك، أمس الأحد، إحتجاجاً على مصادقة المجلس فيها بأغلبية أعضائه على طلب قدمته قائمة كركوك المتآخية التي تضم أغلب ممثلي المكون الكوردي، يقضي بضرورة دفع نواب التحالف الكوردستاني والكتل السنيّة داخل مجلس النواب بإتجاه إستحصال الموافقات الرسمية الحكومية، لأجل تسليح قوات البيشمركة وأبناء العشائر السنيّة لطرد مسلحي “داعش” من مناطقهم، وفق مشروع قرار الكونغرس الأميركي.
وكانت لجنة شؤون االقوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي قد صوّت على قانون يتعامل مع قوات البيشمركة الكوردية والفصائل السنيّة المسلحة في العراق كقوتين منفصلتين من أجل تحقيق التوازن بين القوى، في ظل الكمّ الهائل من الجماعات المسلحة الشيعية.
وخلال مؤتمر صحفي عقده عدد من أعضاء المجلس، بحضور مراسل (باسنيوز)، تحدث رئيس مجلس المحافظة وكالةً ريبوار طالباني قائلاً “نؤيد تسليح قوات البيشمركة والعشائر السنيّة، سواء كان هذا التسليح بشكل مباشر من قبل الحكومة الأمريكية أو غير مباشر”، داعياً في الوقت ذاته “الحكومة المركزية إلى ضرورة الإتفاق على صيغة مناسبة بشأن آلية التسليح”.
بدوره، قال عضو قائمة كركوك المتآخية عن المكون الكوردي في مجلس المحافظة محمد كمال “طالما أثبتت الحكومة العراقية إخفاقها وعدم قدرتها على محاربة مسلحي داعش في المناطق الكوردستانية والسنيّة، بل ولم تتمكن من تحرير أطراف كركوك أو أراضٍ بمحافظتي نينوى والأنبار، فإننا ندعم الكتلة البرلمانية الكوردستانية والكتل السنيّة في مجلس النواب العراقي للدفع بإتجاه تنفيذ قرار التسليح للبيشمركة وأبناء المكون السني من جانب الحكومة الأمريكية”.
في المقابل، إعترض المكون التركماني على مسألة عدم تسليح أبنائه، بينما يقدم الدعم حصراً للقوات الكوردية وأبناء العشائر السنيّة، معلناً مقاطعته الجلسة.
وبهذا الصدد، قال عضو مجلس المحافظة عن المكون التركماني رعد رشدي خلال المؤتمر الصحفي إن “الكتلة التركمانية تعلن إعتراضها رسمياً على طرح رئيس المجلس للمشروع الأميركي ونرفض المصادقة عليه”، موضحاً أن “طرح المجلس للتصويت على قرار التسليح هو مخالف للسياقات الإدارية المتبعة في إدارة الجلسات”.
كما شددت الكتلة التركمانية في بيان صحفي تلقته وكالة (باسنيوز)، على “ضرورة الالتزام بالحيادية وفق مبادئ ورؤى ثابتة تسهم في طرد مسلحي داعش وتحافظ على وحدة العراق”، مطالبةً في الوقت ذاته بـ “توفير الدعم المطلوب للقوات الأمنية التي تدافع عن أراضي محافظة كركوك”.
ودعا رئيس الجبهة التركمانية عضو مجلس النواب عن محافظة كركوك أرشد الصالحي في تصريحات سابقة الحكومة المركزية لتسليح أبناء المكون التركماني للدفاع عن مناطقهم، مهدداً باللجوء إلى المجتمع الدولي والتحالف الغربي في حال لم تنفذ الحكومة العراقية مطلبهم، على حد تعبيره.
ويتركز وجود التركمان في عدة مناطق من مركزكركوك، أبرزها في حي تسعين ومنطقة المصلى وطريق بغداد وغرناطة والقورية.
أما المكون العربي فهو الأخر أبدى تحفظه وإعتراضه على الآلية التي صادق فيها ممثلو المكون الكوردي على قرار التسليح.
حيث قال رئيس المجموعة العربية في مجلس المحافظة محمد خليل الجبوري في تصريح لوكالة (باسنيوز) “إعترضنا على آلية طرح رئيس المجلس وطلبه التصويت على هذا المشروع، في وقتٍ كانت الجلسة مقررة لمناقشة مواضيع أخرى ولم يكن مشروع الكونغرس الأميركي ضمن جدول الأعمال، لذا فإن سبب تحفظنا وعدم تصويتنا على هذا القرار يعود إلى خطأ إداري طرأ على الجلسة”.
ويقول مراقبون، إن هذا المشروع الأميركي سيمنح مجالاً واسعاً للولايات المتحدة لتجنب التعامل مع الحكومة العراقية وتوجيه الدعم مباشرة إلى السنة والكورد وتدريب وتسليح قواتهم على يد القوات الأميركية، لان الحكومة العراقية رفضته سابقاً.