كشفت صحيفة “النهار” اللبنانية تفاصيل قالت إنها عثرت عليها من مسؤول دولي، حول عملية التشاور التي يمضي بها المبعوث الأممي إلى سورية “ستافان دي ميستورا” سواء على المستوى السوري أو الدول والجهات الفاعلة بالقضية السورية.
وقالت الصحيفة إن المسؤول الدولي (لم تكشف عن اسمه) أشار إلى أن “دي ميستورا” مقتنع بثلاثة أمور رئيسية، أهمها أن مصير سورية لم يعد بيد نظام بشار الأسد، حيث لن يستطيع الأخير وحده تقرير مستقبل البلد وشعبه استناداً الى شروطه ومطالبه، بل إن قوى المعارضة السورية الحقيقية السياسية والعسكرية والشعبية يجب أن يكون لها دور أساسي في حل الأزمة.
أما الأمر الأخر يتمحور حول وجوب وقف عملية التدمير الهائلة وغير المسبوقة والمأساة الإنسانية الفظيعة في سورية، إذ “أن الحرب أعادت سورية أربعين سنة الى الوراء وهي تحتاج الى أربعين سنة أخرى بعد وقف القتال لبنائها مجدداً. وأن الحل السياسي الحقيقي يجب أن يكون شاملاً ويتطلب ضمان انتقال السلطة من طريق المفاوضات وفي إشراف دولي إلى نظام جديد. وتحقيق هذا الهدف يحتاج الى تغيير حسابات الأسد والمرتبطين به” حسب قول المسؤول الدولي.
ويتخلص الأمر الثالث بالإقرار بأن مقترح “دي ميستورا” حول “تجميد القتال” في حلب قد فشل ووصل إلى طريق مسدود، وتنقل الصحيفة عن المسؤول الدولي قوله: “وعلى هذا الأساس استجاب دي ميستورا لنصائح المسؤولين الأميركيين والفرنسيين الذين شجعوه على تركيز جهوده على الحل السياسي للأزمة بعدما تلقوا معلومات منه ومن مصادر أخرى تفيد أن المبادرة الحلبية فشلت وأن النظام ليس جدياً في التعامل معها بل يماطل ويرفض وقف الغارات الجوية والعمليات العسكرية قبل أن يلقي الثوار أسلحتهم ويرضخوا لمطالبه”.
ويشير المسؤول الدولي إلى أن “دي ميستورا” لم يعلن رسمياً تخليه عن مبادرة “تجميد القتال” في حلب، لكنه أبلغ الأميركيين والفرنسيين انه ليس ممكناً عقد مؤتمر دولي جديد حول سورية إذا لم تتفق الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن على ممارسة ضغوط حقيقية ومؤثرة على نظام الأسد من أجل دفعه الى المشاركة في عملية تفاوضية جدية مع ممثلي المعارضة الحقيقية وإنجاز الحل السياسي المستند الى تطبيق بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012.
ولذلك فإن “دي ميستورا” يهدف في مشاوراته مع الأطراف السورية والجهات المؤثرة إلى تفعيل بيان جنيف وتوضيح عناصره وإيجاد آلية مناسبة لتنفيذه”، على حد تعبير المسؤول.
واستناداً الى المسؤول الدولي فقد اتفقت أميركا وفرنسا والدول الأخرى البارزة والداعمة للمعارضة السورية على ثلاثة أمور أساسية تتعلق بإطلاق عملية تفاوضية جديدة لحل أزمة القضية السورية وهي:
أولاً: أن أميركا والدول الحليفة لها لن تدعم عقد مؤتمر دولي تحت اسم “جنيف 3” إذا لم يهدف هذا المؤتمر إلى مناقشة قضية انتقال السلطة لنظام جديد في سورية استناداً إلى بيان جنيف. وتشترط هذه الدول من أجل عقد “جنيف3” أن تضغط القيادة الروسية جدياً على الأسد لدفعه الى الموافقة على تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة الحقيقية تملك وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتخضع لها الأجهزة العسكرية والأمنية وباقي مؤسسات الدولة وتمهد لقيام نظام جديد تعددي يحقق التطلعات المشروعة لكل مكونات الشعب السوري استناداً الى بيان جنيف.
ثانياً: تبدي أمريكا والدول الحليفة لها استعدادها لتأييد مشاركة إيران في المؤتمر الدولي المقترح بعد أن تعلن القيادة الإيرانية موافقتها على دعم تطبيق بيان جنيف وأن تشارك في الجهود المبذولة لإقناع نظام الأسد بالتفاوض جدياً مع ممثلي المعارضة من أجل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي الأمر الذي يعني إنهاء حكم الأسد.
ثالثاً: تتمسك أميركا والدول الحليفة لها بضرورة أن يقود الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وفد المعارضة في أي عملية تفاوضية جديدة مع ممثلي النظام، لأن أكثر من 120 دولة تعترف به على أساس أنه الممثل الشرعي للشعب السوري ولأنه يملك وجوداً سياسياً وشعبياً وعسكرياً داخل سورية وخارجها أكبر وأوسع مما يملكه أي تنظيم معارض آخر.
وتدعم هذه الدول الجهود المبذولة من أجل قيام علاقات تنسيق وتعاون بين الائتلاف الوطني وتنظيمات معارضة أخرى من أجل التفاوض مع ممثلي النظام ضمن إطار أي مؤتمر دولي جديد.
وخلص المسؤول الدولي إلى القول: “يواجه النظام السوري نكسات وهزائم عسكرية مهمة في معاركه مع الثوار والمعارضين، وتململاً حقيقياً قوياً متزايداً في صفوف قاعدته الشعبية، وتدهوراً واسع النطاق في أوضاعه الداخلية، وعجزاً عن حل أي من المشكلات الكبيرة العالقة، وتصميماً قوياً غربياً – عربياً – إقليمياً على ضرورة إنهاء حكم الأسد من أجل وقف الحرب وإنقاذ سورية. فأين المفر؟”.