محمد حجو: السوريون بين نظام غاشم وأصولية مروعة

Share Button

المواطن السوري بشكل خاص، والعربي عموماً، لدى متابعته ما يستجد على الساحة السورية من أحداث، وأوضاع من يعايشون الوضع من الداخل السوري، يجد نفسه أمام سؤال جوهري تنزيل مفاده: هل يغدو مستقبل سورية محصوراً بين العودة إلى حظيرة النظام، بكل ذلّها، أو التطرف الإسلامي، ممثلاً بداعش والنصرة؟

هل يغضّ السوري الطرف عن آماله العريضة بإقامة وطن، تشعّ فيه الحرية شمساً، لتبدد برد الديكتاتورية الذي خيم على البلاد طويلاً؟ لا بدّ لنا من القول إن ظلمة المستقبل كما يراها محللون كثيرون للوضع السوري، تبدو منطقية، بالنظر إلى طبيعة اﻷطراف المتصارعة على السلطة في الساحة السورية، وظروف الصراع هذه الأيام.

قال أحد رؤساء أميركا، بنجامين فرانكلين: “من يستبدل الحرية باﻷمن لا يستحق كليهما”، وتصبّ هذه المقولة في صلب المشهد السوري، وتحيله إلى لقطة من مسلسل درامي تتكرر مشاهده، مسببة السأم لمتابعيه.

فقد مللنا من تكرار جملة “كنا نعيش بأمان”، وكأن هذا الأمان نابع من ديكتاتورية حزب البعث، لا من أصالة أهل سورية، ودماثتهم وطبعهم المسالم، الذي اشتهروا به، مذ كانوا تجاراً ينشرون دينهم بأخلاق بيعهم، ومعشرهم الطيب، وإذا كانت هذه حال أهل البلاد، فكيف نترجم ما نراه على الشاشات، وما يعايشه ملايين السوريين من جرائم قتل وحشية، دعت كثيرين ممن نهضوا في وجه نظام اﻷسد لأن يعيدوا حساباتهم.
ترفض سورية، بطبيعة معظم من يسكنها، بشكل قاطع، أن يحكمها نظام أصولي، يتخذ من اﻹسلام ذريعة لاستباحة دم الناس وأعراضهم، كما ترفض حكم الاستبداد والديكتاتورية، وعليه، فإنه من المنطقي القول إننا أمام نتيجتين، يقبلهما العقل، هما:

أولاً: النظام السوري محظوظ جداً، كون جزء ممن يبدون معارضين له اتفقوا على أن يكونوا متطرفين، مهمِّشين كل اﻷطراف العلمانية الثورية، والتي شكلت، و ما زالت، شريحة لا بأس بها من النخبة الثورية في سورية، ممن دفعوا ثمن مواقفهم غالياً قبل اﻷزمة، وحتى الآن.

ثانياً: سعى النظام إلى تأجيج روح التطرف عند بعض القوى المتسللة إلى قلب القوى الثورية، مستغلاً أحقاد الماضي، ليلعب بذلك ورقة جوكر شيطانية، مدخلاً البلاد في أتون صراع طائفي مرير، قد لا تخرج منه إلا بعد مرور سنوات، فقط كي يبرز نفسه ملاذاً وحيداً أمام تصاعد هذه الفئات المجرمة والمدعية للدين.

من يعرف النظام السوري، ومن عايش تاريخه اﻷسود المليء بالطائفية والقتل والإجرام، يسهل عليه الاختيار بين النتيجتين المذكورتين أعلاه، إلا أن مشكلتنا، كشعب سوري وعربي، كانت وما زالت، في الهوة الشاسعة بين المثقف العربي النخبوي والإنسان العادي المرتكز تفكيره على تأمين لقمة عيش، بعدما جاهدت الأنظمة العربية لتجعلها حلماً صعب المنال. هذه الهوة أودت بأحلام تحررية وأفكار ثورية كثيرة إلى مآلٍ، أصبحت تفوح منه رائحة الفشل الذريع ﻷية محاولة تنويرية، تقوم بها أية نخب عربية وسورية.

نسبة لا يستهان بها من الشعب السوري، في هذه الأيام، تتجه عن قلة وعي وانعدام دراية، إلى التسليم بوجوب بقاء النظام، مغيَّبين تماماً عن المبادئ التي خرجوا من أجلها، والشعارات التي رفعوها، مثل “الموت ولا المذلة”، “ما في للأبد ما في للأبد”، وغيرها من كلمات خفتت، الآن، أمام الجوع والعطش، أمام ندرة المياه وفقدان الكهرباء، واﻷهم، أمام الخيانات وتسليم المناطق، والذي أصبح يتم في وضح النهار، مثل ما حصل من تسليم حمص القديمة والقصير.

نجح النظام في تشويه الثورة، وتحويل مسارها، مدعوماً، كالعادة، بالخونة، ممن تسللوا إلى صفوف الثوار، ومن ثم ترأسوهم. نجح، لكنه لم ولن ينتصر.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...