قالت أنغيلا مركل عند زيارتها مركزاً لاستقبال اللاجئين في هايدنو شرق ألمانيا، حيث كانت هناك كتابات متطرفة ضد اللاجئين: «لن نتسامح مع من لا يقدّم المساعدة للمهاجرين، الذين يجب مساعدتهم لأسباب إنسانية وشرعية،لأنهم إخواننا في الإنسانية، واستقبالنا لهم ليس لمصلحتنا، وإنما لنثبت ما معنى أن يكون المرء إنساناً».
ميشيل فوكو في أعماله الأخيرة، يوضح أن الأخلاقية الغربية قامت على نفي سؤال «الاهتمام بالذات» للتمحور حول سؤال «معرفة الذات». والذين حققوا أعمال فوكو يرون أنّ الاهتمام بالذات من هذا المنظور نمط من الانفلات من الأخلاق، بصفتها مدونة من الأوامر الكلية المقننة. فوكو يؤكد أن هذا التصور يعود بجذوره إلى الأخلاق المسيحية التي جعلت من التخلّص من الذات شرطاً للخلاص.
أظنّ أنّ من شأن الاشتغال على هذا الحقل، التأسيس لمعنى تجديدي وتنويري لتديّن متصالح مع العقل والأخلاق ومنفتح على الآخر، ومن ثمّ إعادة صوغ المُثُل الدينية عبر ارتكازها على المشترك الإنساني العام، والوعي الإنساني العام الذي بقدر ما يُدرك أن «الواقع يخون المُثُل دائماً، (فإنه يبقى عارفاً) بأن المُثُل تظل دافع الإنسانية الخيِّرة في نضالها المستمر ضد الأنانية والظلم والتسلُّط. والإصلاح الديني الحقيقي ليس الذي يُواجه المُثُل الحديثة بالمُثُل الدينية، بل هو الذي يعيد صياغة المثل الدينية لتُشارك آلاف البشر من كل التقاليد الدينية في ذلك النضال». ولعلّ جزءاً أساسياً من هذا النضال الفكري يتمثل في نزع «الأسْطرة» عن التجارب الأولى في العصور الإسلامية في ما خصَّ الاعتقاد بأنها انطوت على «درجة قياسية» من الامتثال والتماهي مع أعلى رُتب الصلاح و «الالتزام» والانضباط الأخلاقي، ما من شأنه تقليص دوائر الالتباس بأن ثمة خصوصية أخلاقية إسلامية تقف عائقاً أمام محاولات إشاعتها بوصفها منظومة قيمية إنسانية عامة، لا تختص بمجموعة من البشر دون غيرهم.
درس مركل مدخلٌ لنقاش ثريّ محوره التماهي اللامعرفي بين الأخلاق والدين.