جاء في مجموعة الأوصاف والنعوت التي اعتاد الناس إطلاقها على العام الذي يوشك على الانتهاء، والتي تستقبلها مجموعة «قواميس أوكسفورد» على الإنترنت، الوصف التالي: «لقد كان وجه عام 2015 عامراً بدموع الفرح»!، وبما يوحي بأن علماء اللسانيات البريطانيين يحملون فوق أكتافهم رؤوساً تعيش في عالم لا يمكنه أن يستشعر الهموم. وفي بلدان أخرى، جاءت الأوصاف وهي تنطوي على قدر أقل من مشاعر الرضى والتفاؤل، وقدر أكثر من التشاؤم.
ويوم الجمعة الماضي، نشر «المجمّع اللغوي الألماني» قائمته السنوية لأكثر 10 أوصاف للعام المنقضي تكرراً. واحتل وصف «عام اللاجئين» المرتبة الأولى. وفي روسيا، اختارت مجموعة من الأكاديميين والكتّاب والصحافيين يرأسها «مايكل إبشتاين»، (وهو أديب ومفكر وفيلسوف روسي وأستاذ محاضر في «جامعة إيموري» في الولايات المتحدة)، العبارة ذاتها. وفي النمسا، احتلت كلمة «اللاجئين» المرتبة الأولى في توصيف العام الذي يشرف على الرحيل، وكانت العبارة الثانية في ذلك التصنيف النمساوي هي «عام النازحين الهاربين من أجهزة المخابرات».
واحتل توصيف «عام التطوع لنجدة اللاجئين» المرتبة الأولى من بين الأوصاف العشرة التي تلقاها موقع «مجلس اللغة النرويجية»، فيما تحتل عبارة «عام تأمين مأوى للاجئين» حتى الآن، المرتبة الأولى في التوصيفات التي يستقبلها موقع «مجموعة قاموس فان ديل» الهولندية (التصويت لا يزال متواصلاً)
وتزعم روسيا أنها استقبلت 300 ألف لاجئ من مناطق الصراع في شرق أوكرانيا خلال عام 2015، وبما يرفع العدد الإجمالي للاجئين الأوكرانيين لديها إلى 1.1 مليون. ولقد أثار اللاجئون جدلاً واسعاً استحوذ على المراتب الأولى في اهتمامات الرأي العام الألماني بعد أن وافقت الحكومة الألمانية على استقبال مليون مهاجر من طالبي حق اللجوء السياسي.
وعبرت حكومة الجناح اليميني النرويجية عن رفضها لاستقبال اللاجئين، وأطلقت حملة إعلامية واسعة النطاق للتصدي لهم. وكانت تعارض دخولهم وتوطينهم للدرجة التي دفعت بها إلى الإعلان عن استعدادها لدفع الأموال للدول المهتمة باستقبالهم بشرط أن يرحلوا عنها.
وتحاول النمسا التي استقبلت نازحين عانوا الأمرّين من رحلاتهم عبر البحر حتى وصلوا إلى اليونان، أو أولئك الذين فضلوا قطع مسافات شاسعة مشياً على أقدامهم عبر أراضي يوغسلافيا السابقة ثم المجر، التوصل إلى حل ما لهذه المعضلة. وكان لهذا الجدل المرير أن يتكرر حتى في دول بعيدة مثل البرتغال التي انقسمت فيها الآراء والمواقف بشكل حاد بين مؤيد ومعارض لاستقبال النازحين.
وكان التعبير الآخر الأكثر استخداماً في «توصيف عام 2015» يتعلق بالإرهاب وتداعياته. ففي فرنسا، احتل تعبيرا «العلمانية» و«حرية التعبير» المراتب الأولى في تصويت تم تنظيمه لإبداء الآراء في الهجوم الذي شنّه إرهابيون متطرفون على مقرّ مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة في شهر يناير الماضي. واحتلت عبارة «كلنا شارلي» المرتبة الثانية من حيث التكرار في تصويت نظم في ألمانيا على الاعتداء ذاته بالرغم من أنه حدث في فرنسا وليس في ألمانيا ذاتها. وكان من أكثر التعابير استخداماً في العبارات القصيرة للمشاركين الهولنديين في توصيف عام 2015 هي «الدولة الإسلامية» التي يقصد بها تنظيم «داعش» الإرهابي، فيما احتلت كلمة «الإرهاب» ذاتها مرتبة متقدمة في العبارات التي أدرجها البرتغاليون لتوصيفه.
وفي عام 2015 أيضاً، بدت الأمور أكثر قسوة مما كانت عليه العام الماضي عندما احتلت عبارة «تحطيم الجدار» المرتبة الأولى في وصفه، لأنه العام الذي شهد الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتحطيمه وإعادة توحيد شطري ألمانيا.
وفي روسيا أيضاً، احتلت كلمة «العقوبات» المرتبة الثانية من بين المفردات العشر الأكثر استخداماً لتوصيف العام الجاري، وخاصة بعد الحظر الذي فرضه الرئيس فلاديمير بوتين على الواردات الغذائية من الدول الغربية ردّاً على العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على روسيا.
ويُذكر أن ألمانيا تستخدم «قائمة اختيارات» تمثل قاعدة بيانات تجسّد الكلمات والتعابير الأكثر استخداماً عند المواطنين الألمان على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تشترك فيها مع «الوكالة الأميركية للأمن الوطني». ويمكنك أن تطلع من خلالها على سبيل المثال، ما تداوله الألمان حول «فضيحة محركات الديزل» التي طالت شركة فولسفاجن مؤخراً.
ونستخلص من كل هذا أن الزعماء السياسيين الذين يحكمون العالم ينتظرهم الكثير من العمل الجاد في عام 2016 من أجل تغيير هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه العالم.
ليونيد بيرشيدسكي
محلل سياسي روسي مقيم في برلين
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»