في الوقت الذي تعتزم فيه المعارضة السورية الجلوس مع النظام السوري و التفاوض معه من اجل إيجاد الحل للأزمة السورية، بعد ان تم تشكيل وفد للمعارضة اثر مؤتمر الرياض الذي تم عقده أواسط ديسمبر الماضي، فاجأ السيد هيثم مناع أعضاء الوفد التفاوضي مع النظام برسالة قد أرسلها إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، و لم تكن هذه المفاجئة هي الأولى من نوعها التي يفاجئ بها مناع الشارع السوري بأجمعه
مناع أظهر نفسه كشخصية اكثر وزنا و أكثر اعتدالا و أن قواته علمانية لا دينية غير متطرفة و تسيطر على مساحة كبيرة من سوريا 16%، على عكس الائتلاف الذي ثبتت عليه في الآونة الاخيرة تعامله مع فصائل متشددة كجيش الفتح كما اِدعى مناع و انهم لا يسيطرون الا على مناطق ضئيلة جدا من سوريا 5%.
كما ان هيثم مناع حاول بشكل أو آخر ان يظهر نفسه قوة فاعلة على الارض و المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية و انه يمثل مجموعة كبيرة من السياسيين المتفقين في وجهات نظرهم و مواقفهم على عكس الائتلاف المتشرذم بموافقه و الخلافات الهائلة بين اعضائه و التصريحات المتناقضة حتى للوفد المتفاوض مع الاسد و حتى انهم لا يملكون اي فصيل عسكري بحجم و قوة الفصيل الذي يترأسه مناع و ان امتلك الائتلاف جماعات مسلحة فكلها تحارب بعضها البعض
تَمَيّز هيئة التنسيق عن الائتلاف حقيقة لا يجب التهرب منها، بمواقفها تجاه الاقليات مثلا و اعترافها الدائم بحقوقهم، في ما لم نلحظ اي موقف ايجابي من الائتلاف تجاه باقي المكونات و اقصائاتها اللامتناهية للكثير من مكونات الشعب السوري، و عليه يتفوق التنسيق على الائتلاف في هذه النقطة الملحوظة ، و بالرغم من ان التنسيق يتفوق على الائتلاف في الكثير من الصفات و المزايا إلا انه ايضا مشكوك في أمره و تعاونه مع النظام و الروس و ايران حسب تهم الكثيرين لهم و نفس الامر لغالبية اعضاء الائتلاف الذين اصبحوا عالة على الثورة و كمالة عدد حسب وجهات نظر العديد من النشطاء السوريين، و على هذا الوتر لعب بشار الاسد بأنه ليس هنالك في المعارضة مشروع سياسي .
و ان جميع من تبنو الثورة السورية عرّضوا انفسهم للأنتقادات و تهم و تخوين أفقدت قيمتهم و قللت من شأنهم، و افقدت مفصل الثورة السورية التي عجزت عن الحراك بسبب افتقارها لشخصيات سياسية كاريزماتية و انحصارها بشخصيات عسكرية اسلامية و هذا غير ممكن بالنسبة لمن يملك زمام الامور في سوريا.
فما كان على هيثم مناع سوى أن يُظهر في رسالته انه الأفضل دوماً من غيره، و انه الأكثر اعتدالا و مرونة، و الأكثر تفهماً للمرحلة و لكنه مُقصي و منسي..! و لكنه سيبقى مُقصي طالما لا يملك قاعدة جماهيرية واسعة من كل المكونات و الاطياف السورية
أما تخوينه و الاستهتار بقدراته على الدوام من قبل المؤيدين للائتلاف لن تعكس سوى نتائج سلبية و ستؤكد على مصداقية مناع و حلفائه لدى المجتمع الدولي بل و ستثبت جدّية هيئة التنسيق و قدرتها على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، على عكس الائتلاف المستهتر بالأمور وبالآخرين و اقصائها لباقي المكونات في الكثير من المحافل مما افقد ذلك من شأنها دولياً و وطنياً بعض الشيء، و الاهم من ذلك ان مناع يملك تحالفات لم تخذله حتى اللحظة كما خذل اصدقاء سورياالأئتلاف في عديد المرات
الملخص مما يجري الأن في الوسط السياسي عدم وجود توافق سياسي بين المعارضة السورية، مع هذا الكم الهائل من التناقضات في التصريحات للكثير من الشخصيات المنتمية لنفس الفصيل فكيف بين فصيلين مختلفين و الخلافات الدائرة بينهم؟ و ان الوفد المتفاوض مع النظام على وشك هزيمة سيدفع السوريين ضريبتها لعدة سنوات أخرى ، بمعنى آخر أن حل الازمة السورية ستتأخرو القادم سيكون أكثر رعباً و فظاعةً .