
نص الكلمة
السيدات والسادة ممثلو الأحزاب الوطنية الصديقة والكردية الشقيقة
السيدات والسادة ممثلو الفعاليات الاجتماعية العربية والكردية ورجال الدين الأفاضل
السيدات والسادة ممثلو الاتحادات الثقافية والنسائية ومنظمات المجتمع المدني
الأخوات والأخوة الحضور الكريم
الرفيقات والرفاق الأعزاء
يسرنا ويشرفنا باسم اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا أن نرحب بكم جميعا أجمل ترحيب ونشكركم جزيل الشكر على تلبيتكم لدعوتنا هذه لأحياء الذكرى السابعةِ والستين لميلاد حزبنا.
السيدات والسادة الأفاضل: في الرابع عشر من حزيران عام 1957 بادرت مجموعة من الوطنيين الكرد إلى تأسيس أول حزب سياسي كردي وهم ( أوصمان صبري، حمزة نويران، عبد الحميد درويش، رشيد حمو، شوكت حنان، خليل محمد، محمد علي خوجة) وانضم إلى الهيئة التأسيسية فيما بعد كل من الشيخ محمد عيسى والدكتور نور الدين زازا والشاعر الكبير جكرخوين ليشكلوا نواة أول لجنة مركزية للحزب، لقد كانت الغاية من تأسيس الحزب هو تأطير النضال القومي الكردي في سوريا وتنظيمه للدفاع عن الوجود والمصالح القومية للكرد السوريين، وكذلك العمل مع سائر القوى الوطنية والديمقراطية لصيانة وحماية استقلال البلاد ولترسيخ الحياة الديمقراطية البرلمانية التي كانت تعيشها سوريا آنذاك. لقد تعرض الحزب خلال مسيرته إلى الكثير من الصعوبات والعراقيل وخاصة في مرحلة الوحدة السورية – المصرية وأثناء فترة الانفصال ولاحقا في ظل حكومات البعث المتعاقبة على سدة الحكم منذ عام 1963 والتي بدأت بتنفيذ المشاريع الشوفينية والعنصرية بحق الكرد وإحداث تغييرات ديموغرافية في المناطق الكردية من خلال تطبيق مشروعي الحزام العربي والإحصاء الاستثنائي وغيرها من التدابير والسياسات الاستثنائية التي طبقت بحق الكرد إلا أن تلك السياسات وعمليات الملاحقة الأمنية وزج كوادر الحزب وقيادته في السجون والمحاكم الصورية التي جرت بحقهم لم تثنِ من عزيمة الرفاق بل زادتهم إصرارا على مواصلة النضال من أجل حماية الوجود الكردي وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية في إطار دولة ديمقراطية، تعددية، متعددة القوميات والأديان، كذلك فإن سياسات الاضطهاد والتمييز لم تؤثر على سياسات الحزب الواقعية والموضوعية ولم يفقد الحزب توازنه بل استطاع وبدقة أن يحافظ على البعدين الوطني والقومي في سياساته ولم يبنِ سياساته يوماً ما على مبدأ الفعل ورد الفعل لذا فإنه أولى ولا يزال أهمية كبيرة لتطوير وتعزيز العلاقات مع بقية مكونات المجتمع السوري من عرب وسريان – آشوريين وغيرهم. وذلك لحماية السلم الأهلي وتعزيز مفاهيم وقيم العيش المشترك بين مكونات الوطن السوري، وكان أستاذنا الراحل الكبير عبد الحميد درويش مهندس هذه السياسة ونجدد اليوم ومن على هذا المنبر التزامنا التام بهذه السياسة لأنها تصب في خدمة بلادنا سوريا ويعزز من وحدة مكوناتها.
السيدات والسادة:
نحتفل بالذكرى السابعة والستين لميلاد حزبنا هذا العام في ظل أوضاع وتطورات خطيرة يشهدها العالم فمع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية التي تنذر بعواقب وتداعيات سلبية على العلاقات الدولية بسبب الانقسام الحاد والحاصل في المشهد السياسي والأمني والاقتصادي الدولي، وتأثيرات ذلك على الوضع العالمي ككل. كما أن الحرب الإسرائيلية في غزة التي دخلت شهرها الثامن ما هي إلاّ نتيجة لفشل المجتمع الدولي في إيجاد تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، التي ستكون لها آثار وتداعيات كبيرة على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تحولات وتغييرات جذرية على المستوى الإقليمي وهناك مخاوف جدية من توسيع دائرة هذه الحرب لتشمل دولاً أخرى لذا فان المجتمع الدولي مدعو إلى إيجاد حلٍ سياسي للقضية الفلسطينية على أساس مبدأ حلّ الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، كذلك فإن القضية الكردية تعتبر إحدى القضايا التي يتوجب على المجتمع الدولي البحث عن حلول لها، مما يساهم في تخفيف حالة التوتر ووتائر سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط.
السيدات والسادة الأعزاء:
تعيش البلاد حالة من الانهيار الاقتصادي بسبب استمرار الأزمة وعدم وجود أفق لحل سياسي ينقذ سوريا والسوريين، حيث أن القطاعات الإنتاجية لا تزال متوقفة عن العمل بشكل شبه كامل، ولا يزال الحصار المفروض على البلاد يزيد من معاناة السوريين، وتفشي الفساد المتأصل أساسا في البلاد يشكل تهديداً جدّيا للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما ينعكس على حياة السوريين الذين يعيشون في ظل ظروف معيشية صعبة وقاسية للغاية إذْ فاقت نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 90% إضافة إلى كل هذا فإن المناطق المحتلة من قبل تركيا تشهد عمليات تغيير ديموغرافي ممنهج وبالتالي تهجير السكان الأصليين كما يحدث في عفرين وسريكانيه ” راس العين “، في ظل هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية فإن الحكومة السورية عاجزة عن القيام بواجبها سواء من ناحية تأمين ظروف ملائمة لحياة كريمة للمواطنين أو من خلال طرح مشاريع ورؤى سياسية للحل الوطني من شأنه إطلاق عملية سياسية في البلاد ومن هنا فإن إطلاق حوار سوري – سوري بات قضية لا تحتمل التأجيل والتسويف لذا فإن الحكومة والقوى الوطنية والديمقراطية مدعوّة إلى العمل في هذا المنحى لإطلاق عملية سياسية سورية – سورية، ودعوة المجتمع الدولي لتقديم الدعم لإنجاح مثل هذا الحوار كما بات من الضروري إقرار دستور عصري يحقق النظام الديمقراطي ويصون حرية الفرد والحريات العامة الفردية وحرية الرأي والتعبير في ظل سيادة القانون وكذلك اعتماد النظام اللامركزي لإدارة شؤون البلاد وإيجاد حل وطني ديمقراطي للقضية الكردية في سوريا.
الأخوات والأخوة الحضور
نحتفل هذا العام بميلاد حزبنا والأوضاع تزداد سوءاً في المناطق الكردية خاصة في مناطق شمال وشرقي سوريا بشكل عام بسبب الاستهدافات التركية المتكررة للبنى التحتية والتي أدت إلى فقدان الخدمات الأساسية للسكان من كهرباء وغاز ومازوت وكذلك المياه، وخاصة في مدينة الحسكة تعاني منذ احتلال تركيا والفصائل الموالية لها عن قطع المياه عن أكثر من مليون نسمة، كل هذا يحدث ويجري أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكنا أو يمارس أي ضغط على الدولة التركية لوقف أعمالها العدائية ضد أبناء المنطقة. أما على صعيد الجبهة الداخلية وخاصة الحركة السياسية الكردية فإن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ بسبب حالة التشتت والانقسام في صفوف الحركة وحالة التباعد الحاصلة بين أطرافها مما أفقدها ثقلها السياسي والجماهيري، وخلق هذا الوضع حالة من اليأس والإحباط لدى المواطن الكردي وتسبب في ترك الكرد لمناطق سكناهم واللجوء إلى دول الاغتراب والمهاجر الأوربية، وأحدث فراغاً سكانياً كبيراً في المناطق الكردية مما يستوجب بنظر حزبنا إيلاء الاهتمام اللازم والمطلوب لهذه القضية التي بتصورنا قضية استراتيجية من منظور الأمن القومي الكردي، لذا فإن الخيار الوحيد هو إعادة الثقة والمصداقية بين الشارع وأحزاب الحركة الكردية وذلك ممكن فقط من خلال إطلاق حوار كردي – كردي، بعيدا عن الأنانيات الحزبوية والأطرية الضيقة، وأن يكون في الاعتبار أولا وأخيرا المصلحة العليا للشعب الكردي وبقاؤه في مناطقه، من هنا فإننا في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا نناشد الأشقاء في المجلس الوطني الكردي وكذلك أحزاب الإدارة الذاتية والأحزاب الأخرى خارج الإطارين إلى التواصل والتلاقي وبناء جسم سياسي للحركة الكردية تكون ممثلا حقيقيا للشعب الكردي وتبني سياسة واقعية، موضوعية تأخذ في الحسبان المتغيرات الحاصلة على كافة الصعد، وإلا فإن الأمور ستأخذ منحىً أكثر خطورة في المستقبل القريب إن لم يتم تدارك الموقف.
السيدات والسادة:
كما هو معلوم لدى الجميع فإن المنطقة تعتمد في اقتصادها على الزراعة والثروة الحيوانية وتعتبر سلة الغذاء السورية ولذا فإن إيلاء الاهتمام بالزراعة عبر تقديم الدعم اللازم لها هي مهمة وطنية، وتقع هذه المهمة اليوم على عاتق الإدارة الذاتية التي تدير شؤون المنطقة منذ تأسيسها. ولا يخفى إن أبناء المنطقة استبشروا خيراً بأن موسم هذا العام سيكون جيداً بسبب وفرة الأمطار لكن الذي حصل هو أن موجة الحرّ التي ضربت المحاصيل بشكل عام ومحصول القمح بشكل خاص نهاية شهر نيسان الماضي أدت إلى تقليص الإنتاجية إلى النصف تقريبا، أما العامل الآخر فهو التسعيرة التي وضعتها الإدارة على محصول القمح كانت متدنية جدا ومجحفة وظالمة حيث لم تراعِ أبدا الظروف المناخية التي مرت بها المنطقة وكذلك الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج، وعدم منح الفلاحين والمزارعين الاستحقاقات اللازمة من مادة المازوت لري محاصيلهم وغيرها من الإجراءات التي تحدُّ من حركة المنتجين الزراعيين، من هنا ومن على هذا المنبر نكرر دعوتنا للإدارة الذاتية مراجعة تسعيرة القمح وتعديلها حتى يتم إنصاف الفلاحين والمزارعين من جهة، ويتمكنوا من متابعة انتاجهم للأعوام القادمة من جهة أخرى، وإلا فإن المنطقة ذاهبة نحو المجهول سواء من ناحية زراعة القمح أو الهجرة من المنطقة. وفي سياق الحديث عن الإدارة ومسؤولياتها فإننا ندعوها إلى إجراء مراجعة شاملة لبرامجها وخططها خاصة في مجال الخدمات التي أصبحت شبه معدومة كون تقديم الخدمات الضرورية وتحسين مستوى معيشة المواطنين هي من صلب مسؤولياتها ولا يجوز لها النظر إلى هذه الأمور من زاوية الربح أو الخسارة، كما يصرح بذلك بعض المسؤولين في الإدارة، كما أن محاربة الفساد الذي استشرى في مفاصل وهياكل الإدارة، أضحت قضية مركزية يجب معالجتها بشكل فوري وعاجل، وإلا فان الأمور ستسير من سيء إلى أسوا، كل هذا من أجل توفير مقومات استمرارية هذه الإدارة.
الحضور الكريم في الختام نجدد ترحيبنا بكم وحضوركم لاحتفالنا هذا ونؤكد لكم بأن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا سيبقى ذلك الحزب الذي عرفتموه وفياً، مخلصاً، أميناً مدافعاً صلبا عن قيمه الوطنية والقومية التي تأسس من أجلها وناضل في سبيل تحقيقها وسيستمر حزبنا حزب الراحل الكبير الأستاذ حميد درويش على هذا النهج من أجل الدفاع عن مصلحة سوريا والسوريين ومن أجل أن تنعم بلادنا بالأمن والاستقرار وتنتهي معاناة السوريين الذين أنهكتهم الحرب والدمار و بناء دولة بنظام ديمقراطي، تعددي، لا مركزي يضمن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار سوريا واحدة موحدة، وسيبقى التقدمي حزبا لكل السوريين.
عاشت الذكرى 67 لميلاد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
عاشت سوريا ديمقراطية، تعددية، لا مركزية وطنا يتسع لجميع السوريين.
وشكرا لإصغائكم
قاشلو 14 / 6 / 2024
اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا