فايز سارة يكتب*: مؤتمرات بلا مرجعية سياسية ولا هوية

Share Button

ينشغل المهتمين بالقضية السورية بتنظيم مؤتمرات، تتناول القضية السورية أو بعض جوانبها.105 - فايز سارة

هذه الجهود، ليست جديدة، لكنها تأخذ شكل الطفرة. مؤتمر الاستانة في كازاخستان للمعارضة السورية مهمته البحث في توافقات المعارضة، وفي بداية الشهر القادم، يعقد في القاهرة، مؤتمراً آخر حول فكرة الحل السياسي، تجري استعدادات لمؤتمر ثالث في الرياض لخلق إطار تنفيذي للمعارضة، يقودها إلى ما بعد المرحلة الانتقالية، التي ستعقب ولوج بوابة الحل السياسي، والذي قد يكون عسكرياً في بعض مراحله، فيما يشتغل المبعوث الدولي ديمستورا من خلال مشاوراته مع شخصيات من المعارضة والنظام في جنيف على وضع تصور، يقدمه إلى مجلس الأمن الدولي أواخر حزيران المقبل، يمكن أن يكون أساساً يبنى عليه مؤتمر جنيف3 لحل القضية السورية.

والمؤتمرات التي تتم بجهود ورعاية دولية أو إقليمية، تنقسم إلى نوعين مختلفين، أولهما مؤتمرات، تتصل بموضوع الوصول إلى حل سياسي على نحو ما حصل في جنيف2، فيما يتعلق النوع الثاني بالقضايا المتعلقة بالمعارضة ومواقفها وشؤونها الداخلية على نحو ما حصل في مؤتمر الدوحة 2012، والذي شكل الائتلاف الوطني بنتيجة أعماله.

النوع الأول من المؤتمرات، لم تكن له نتائج عملية على سوريا، لأنها تكاد تكون بلا هوية، ولأنها كذلك بلا مرجعية سياسية وليس لها جدول أعمال. كما أنها بلا معايير تتعلق بالداعين لها والمشاركين من حيث علاقتهم العميقة وفاعليتهم الممكنة في القضية السورية. وفي هذا الإطار، يندرج مؤتمر كازاخستان وقبله مؤتمري موسكو، وفيها كلها لم تعتمد مرجعية واضحة، والتي يفترض أن تكون مرجعية جنيف2، الحائزة على توافق دولي، الذي وضع إطاراً لمعالجة القضية السورية، لا يجوز تجاوزه أو إغفاله.

كما أن مؤتمري موسكو ولاحقهما في كازاخستان، كانت جميعها تقريباً بلا جدول أعمال، يحدد الموضوعات للوصول إلى مخرجات ونتائج، يمكن البناء عليها. وما حصل في مؤتمر موسكو الأخير، كان بمثابة فضيحة سياسية نتيجة غياب جدول الأعمال المتفق عليه. مما جعل نتائج المؤتمر متناقضة، اختلف فيها المنظمون والحاضرون على السواء في تقييمها. وأحد الأسباب الأساسية، التي أدت إلى هذه النتيجة، يتصل بالمعايير المتعلقة بالمنظمين وبالمدعوين. ذلك أنه من المهم أن يكون منظمو المؤتمر في مكانة تجعلهم قادرين على التأثير الإيجابي على المؤتمر والحاضرين فيه، وهذا أمر مفقود في حالتي موسكو وكازاخستان، لأن الأولى تكاد تكون طرفاً في الصراع السوري من حيث موقفها من النظام، وحمايتها له في مجلس الأمن من خلال استخدام حق النقض “الفيتو” ضد كل قرارات الإدانة، التي كان يمكن ان تصدر ضده أو تجبره التخلي عن سياساته الدموية في السنوات الماضية، وبالإجمال لايمكن فصل جهود موسكو في المؤتمرين اللذين عقدا فيها في الأشهر الماضية، عن مساعيها لإخراج نظام الأسد من مأزقه الحالي.

اما بالنسبة لكازاخستان، فلم تكن ذات يوم على صله بالقضية السورية ولا بالمعارضة، ودخولها على هذا الخط، تم بإشارة من روسيا بعد فشل مؤتمر موسكو الثاني، وبالتالي فإمكانيات نجاح مؤتمر للمعارضة السورية فيها أمر مستبعد، هذا إذا توفرت عوامل أخرى للنجاح، والتي بينها معايير اختيار القادمين لحضور المؤتمر، والأمر المشترك بين حضور مؤتمرات موسكو وكازاخستان، أنه تمت دعوة أشخاص، بدل أن يدعى ممثلو التشكيلات السياسية والمدنية المعارضة، التي استبعدت تشكيلاتها العسكرية، فكرّس انقسام المعارضة، بينما كان وفد النظام في موسكو موحداً.

المستوى الثاني من المؤتمرات يتعلق بالمعارضة وشؤونها الداخلية. وهي مؤتمرات، غلبت عليها صفة تواضع الإنجازات أو التباسها، والأمر في هذا لايتعلق بمشاكل المعارضة التي يتم نقلها مباشرة إلى داخل المؤتمرات، وتتفاعل داخلها فقط، وإنما بتزامنها مع مشاكل التدخلات الإقليمية والدولية في القضية السورية، والتي ينقلب بعضها إلى صراعات بينية حول الوضع السوري، وهذا ما بدا ملحوظاً في أغلب مؤتمرات المعارضة في السنوات الماضية.

ثمة مساع لتجاوز مشاكل مؤتمرات المعارضة السابقة، وسط استعدادات عقد مؤتمر القاهرة الخاص بموضوع الحل السياسي للوصول إلى خارطة طريق سورية، ترسمها المعارضة، فإن ثمة آمال من جانب الأطراف المختلفة في أن يتجاوز مؤتمر الرياض المقبل هذه المشاكل. والسبب في الحالتين أن الأطراف التي تنظم وتشارك في المؤتمر، هي الأقرب والأكثر صلة بالوضع السوري وعلاقاته الإقليمية، وهي التي تدفع بصورة مباشرة فاتورة استمرار التردي في سوريا وتداعياته الإقليمية. والأمر الثاني، أن المنظمين والمشاركين صاروا أكثر حاجة للخروج من الوضع السوري وإنضاج حل سياسي، حتى لو اقتضى الأمر إحداث تغييرات ميدانية عبر القوة المسلحة. وهذا التطور بات محط تفهم من أطراف دولية وإقليمية كثيرة.

خلاصة الأمر في المؤتمرات حول سوريا، أنها كانت أحيطت بإشكالات ومشاكل في الفترة السابقة أغلبها يتعلق بالمنظمين وعلاقتهم بالقضية السورية، وبعضها يتعلق بالمعارضة السورية ومشاكلها، إضافة إلى المشاكل المتصلة بالبيئة المحيطة بالقضية السورية، والتي اتسمت بقدر أقل من المسؤولية والاهتمام بها وبتطوراتها على مدار أكثر من أربعة أعوام مضت. لكن ذلك كله يتجه إلى تغيير وتبدل نتيجة الأخطار التي باتت تحيط بالقضية السورية داخلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا سوف يؤثر في تغيير طبيعة تلك المؤتمرات في المرحلة المقبلة، وقد يكون البدء من القاهرة، ثم إلى الرياض وصولاً إلى جنيف3 الذي بدأ يلوح انعقاده في الأفق

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...