فارس عثمان: كوباني بقعة صغيرة ومهمة

Share Button

ذهب السفير التركي في القاهرة إلى الرئيس جمال عبد الناصر وطلب منه إعلاق الإذاعة الكردية التي كانت تبث من القاهرة، بحجة أنها تؤثر على الوضع الداخلي في تركيا، فقال له فارس عثمان - Faris Osmanالرئيس جمال عبد الناصر: (( ولكن لا يوجد أكراد في تركيا، هناك أتراك الجبال، أكتب لي وثيقة بوجود الأكراد في تركيا وسأغلق الإذاعة اليوم )). هذا هو حال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، حال سفير بلاده السابق في مصر لا يعترف بحقوق الكرد ويطلب من الاخرين عدم منحهم أي حق، ولا يترك مناسبة خلال أكثر من أربعة أشهر إلا وينتقد فيه الدعم والمساندة الدولية وحتى التعاطف الدولي مع كوباني.

فبعد تحرير كوباني وطرد فلول تنظيم داعش الإرهابي منها خرج اردوغان بتصريح رفض فيه تكرار السّيناريو العراقي ورافضا فكرة إقامة منطقة مستقلّة للأكراد في هذه المنطقة على غرار إقليم كردستان العراق، وبأنّ الدّولة التركية ستعمل على منع إقامة مثل هذه التّكتّلات التي تتمتّع بالاستقلال الذّاتي في هذه المنطقة، وقال (( لا أعرف لماذا يهتم العالم بهذه البقعة الصغيرة ” غير المهمة ” للعالم )). وهنا لا بد من التأكيد على ان كوباني ورغم صغر حجمها ومساحتها، إلا أنها كبيرة بأهميتها وقيمتها لدى الشعب الكردي الذي قدم آلاف الشهداء في سبيل تحريرها وتطهيرها من رجس داعش.

إن كوباني وريفها التي تعرضت لأبشع هجمة وحشية إرهابية على يد تنظيم داعش الإرهابي، التي أكدت مختلف القوى والتيارات السياسية الكردية والعالمية ووكالات الأنباء العالمية التي تمتع بمصداقية على أن السلطات التركية قدمت لها كافة التسهيلات اللوجستية والمادية لاحتلال مدينة كوباني، إلا أن ذلك باء بالفشل بسبب الدفاع البطولي لوحدات حماية الشعب YPG و YPJ وقوات البيشمركة التي دخلت إلى المدينة بقرار من برلمان اقليم كردستان، وبالتعاون مع قوات التحالف الدولية التي ساندت القوات الكردية على الأرض ودكت مناطق تمركز داعش بألاف الصواريخ.

فقد وحدت كوباني جميع أبناء الشعب الكردي في كردستان والمهجر، وأصبحت رمزاً ومرادفاً للصمود الكردي، وتعاطف معها كل أحرار ومحبي الحرية والسلام والعيش المشترك في العالم، وخرجت عشرات المظاهرات تضامنا مع صمود أبنائها، وتنديدا بالهجوم والأعمال البربرية لتنظيم داعش لإرهابي. ومع ازدياد تعاطف العالم مع كوباني وصمودها البطولي ازداد حدة اللهجة العدائية التصعيدية لأردوغان ضد الكرد، فأخذ يكرر مقولته المقيتة برفض تركيا تكرارا للوضع في كردستان العراق، أن أردوغان وبدلا من أن يهنئ الشعب الكردي بانتصاره على داعش، ويفتح صفحة من العلاقات الأخوية بين الشعبين الكردي والتركي، ويعطي الأمل باستمرار عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني وبإشراف مباشر من زعيمه عبد الله أوجلان ، عاد ليعيد ويكرر السياسة الشوفينية التركية التي تستخدمها كافة التيارات السياسية اليمنية واليسارية من الشعب الكردي ومن مطالب المشروعة، ولا يتركون فرصة إلا ويؤكدون عليها، برفض منح الكرد أي حق من حقوقه. هذه السياسة التي أثبتت التجارب التركية والعالمية إخفاقها وفشلها، فسياسة الهروب إلى الأمام هذه لن تجلب لتركيا سوى المزيد الخيبات والمزيد من سفك دماء الشعبين التركي والكردي، وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى الخراب والدمار.

أن تركيا اليوم أمام استحقاق تاريخي كبير وهو حل القضية الكردية في تركيا حلا جذريا بالاعتراف بحقوق الشعب الكردي، وكما يراه أبناء الشعب الكردي في تركيا بكافة قواه السياسية والثقافية والاجتماعية. وكذلك الكف عن التدخل في شؤون الشعب الكردي في الأجزاء الأخرى، وخاصة كردستان سوريا، فلقد ناضل ابناء الشعب الكردي ومنذ تأسيس الدولة السورية الحديثة من أجل حقوقهم واليوم هم أمام منعطف تاريخي هام، ومعظم القوى الدولية تدعو إلى منح مكونات الشعب السوري حقوقها، وأكد على ذلك بيان جنيف 1، عدا الحكومة التركية التي ترفض منح الكرد أي شيء عدا التكلم باللغة الكردية، الذي وافق عليه أخيرا بشار الجعفري كذلك خلال منتدى موسكو.

ترى هل سيستفيد أردوغان من تجارب تركيا السابقة وتاريخ الشعوب المناضلة من أجل حقوقها، أم أنه سيستمر على سياسته المتذبذبة هذه والتي حولت تركيا إلى أهم الدول الحاضنة والداعمة لداعش؟.  

نقلا عن جريدة التقدمي

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...