فارس عثمان: الجانب السياسي في حياة جَـكرخوين

Share Button

(( بمناسبة الذكرى 31 لرحيل الرفيق والشاعر الكبير جكرخوين ))
إن هذا العنوان وحده يختصر حياة الشاعر والسياسي المناضل جـكرخوين، وإذا ما اعتبرنا نضاله ضد الفقر 48- فارس عثمانوالظلم والإقطاع عملاً سياسياً ، فقد رضع جـكرخوين السياسة من خلال عمله الشاق والدؤوب في سبيل تأمين لقمة العيش ومتابعة تعليمه، وفيما بعد بالنضال بكافة الوسائل من أجل حقوق ومصالح شعبه .
وإذا ما أردنا التعرف على بدايات ظهور الشعور القومي لديه فيجب التوقف عند سيرته وحياته في مدينة ديريك ” ديركا جياي مازي Dêrka Çiyaê Mazîالتي كان لها تأثير فعال ومباشر على سلوكه وعلى دراسته، ففيها وعى معنى الشعور القومي، وفيها عرف فيها لأول مرة طعم الحب، وفيها بدأ نظم الشعر وأتخذ لقب جكرخوين.
وقد تبلور الشعور القومي لديه بشكل أكثر بعد إخفاق ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 وما رافقها من المجازر والمذابح والتهجير الجماعي للكرد إلى المناطق الداخلية من الأناضول، وساعد سعيه وانشغاله بالتحصيل العلمي وتنقله في مختلف أرجاء كردستان في سبيل ذلك على التعرف على واقع شعبه ومعاناة الكرد وتشابه ظروف الكرد في كافة أجزاء كردستان على تعميق هذا الوعي خاصةً بعد استقراره في عامودا والتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والقومية أمثال الأمير جلادت وكاميران بدرخان ، وخليل رامي ، وممدوح سليم ، وعثمان صبري ، ورشيد هشيار ” رشيد كرد “،… وصقلت تجربة الكتابة في صحيفة هاوار HAWAR موهبته وحددت مساره السياسي بالوقوف إلى جانب قضايا شعبه.
في عام 1936 ترك الإمامة والجبة والعمامة ، وارتدى الطقم الفرنجي والقبعة وساهم بنشاط وفعالية في انتفاضة عامودا ” Toşa Amûdê” التي برر اسباب القيام بها والمشاركة في أحداثها: (( كان هدفنا من المشاركة فيها من أجل أن ينال الأكراد في سورية حقوقهم القومية والإنسانية )) وفي عام 1938 أسس جكرخوين في مدينة عامودا كأول حركة أو تنظيم سياسي للكرد السوريين تحت اسم نادي جوان كرد Ciwanê Kurd ” Nadiya ” (( حيث أكراد الجزيرة يدرسون بلغتهم الأم، ويقرأون تاريخهم ووضع شعبهم )) .قام من خلالها بلتقين الطلاب مواقفه ومفاهيمه عن الكرد واهتم باعداد المناهج والابحاث عن تاريخ وجغرافية الكرد وكردستان.
وفي عام 1946 ساهم في تأسيس KURDISTAN “ Û KURDISTAN AZADî KOMELEYA جمعية حرية ووحدة كردستان التي كانت امتدادا لجمعية خويبون.
وانضم في عام 1950 إلى جمعية ” أنصار السلام – التي كانت تابعة للحزب الشيوعي السوري “، ولكن لم تمض فترة طويلة حتى بدأ الخلاف بينه وبين رفاقه في جمعية أنصار السلام، حول موقف الحزب الشيوعي السوري من القضية الكردية في سورية، فأنسحب منها، وأسس في عام 1957 مع السادة: الملا شيخموس قرقاتي، وعثمان عثمان، وزبير ملا خليل، والملا شيخموس شيخي، ومجيد حاجو، ومحي الدين حاجو، ومحمد فخري، وبشير ملا صبري…حزب الحرية ” Benda Azadiyê “. إلا نشاط الحزب كان محدوداً ، وبعد تأسيس الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا في 14 حزيران 1957 والتواصل مع (( حزب الحرية )) لإقناعهم بالانضمام إلى الحزب، وبعد الموافقة على ذلك تم ضم جكرخوين إلى اللجنة المركزية للحزب عام 1958 .
وبقي عضوا في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا حتى عام 1972 ، حيث انتخب للمكتب السياسي من عام 1972 واستمر فيه حتى عام 1975، وبقي عضواً في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا حتى وفاته.
وفي عام 1959 وبعد اشتداد حملة الاعتقالات في عهد حكومة الوحدة، اقترح بعض أعضاء قيادة الحزب مغادرته إلى كردستان العراق، فسافر هو ومحمد علي خوجة وخليل محمد وبشير ملا صبري إلى كردستان العراق. وبعد أن وصل إلى العراق عمل أول الأمر في هيئة الإذاعة العراقية (( القسم الكردي )) êzgê Kurdî)،)) ثم انتقل إلى التدريس في جامعة بغداد وكان أول من درس اللغة الكردية – اللهجة الكرمانجية – في جامعة بغداد ، وبعد تأزم الموقف بين الحكومة العراقية وقيادة الثورة تم إبعاده من العراق. وإثر عودته من العراق تم اعتقاله ونفيه إلى مدينة السويداء .
وفي عام 1973 سافر إلى بيروت ومكث فيها حتى ربيع عام 1975 قام خلالها بطبع ديوانه الثالث ” Kîme Ez ” ثم عاد إلى القامشلي وبقي فيها حتى صيف عام 1979 حيث استطاعت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا تأمين كل وثائق ومستلزمات السفر خاصةً المالية للسفر إلى السويد لاستكمال طبع أعماله الأدبية، وبعيد فترة قصيرة من وصوله انضم إلى جمعية الكتاب السويديين، وحافظ على مركزه في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ومثل الحزب في أكثر من مؤتمر ومحفل دولي.
كما كان جكرخوين جاداً في مواقفه من القضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية العامة، كان جاداً كذلك في المسائل والقضايا الحزبية، ولم يكن يتأخر عن مواعيده الحزبية. ولم يتأفف من العمل الحزبي رغم انشغاله وتقدمه في السن، وكان يقوم بواجباته بتفانٍ وإخلاص. ويسعى باستمرار لتطوير الحزب ، وترسيخ الفكر الواقعي والتقدمي فيه ، ومدافعاً صلباً عن المرأة ، ويشدد على دورها في النضال السياسي والاجتماعي، ويشجع تنظيمها في العمل الحزبي. توقف قلبه الكبير عن الخفقان في 22 تشرين الأول عام 1984 وبناءً على رغبته ورغبة رفاقه نقل جثمانه إلى مدينة القامشلي.
وقد بذلت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا جهوداً كبيرة ليكون استقبال رفيقها لائقاً بعظمة جكرخوين، وهكذا كان، فقد شيعه حشد كبير من أبناء الشعب الكردي وممثلي الحركة الوطنية الكردية والعربية والطوائف الدينية، وقد كان موكب جثمانه الذي انتقل من ستوكهولم إلى مطار دمشق الدولي ثم إلى مدينة الحسكة ومن ثم إلى مدينة القامشلي مهيباً، لم تشهد المنطقة مثيلاً له، حيث خرجت الجماهير الكردية عن بكرة أبيها لتودعه إلى مثواه الأخير، في نظامٍ وانضباط متناهٍ، وكان مشهد وداعه مشهداً تاريخياً، يعبر عن عظمة الشعب الذي أنجب جكرخوين، ويعبر عن الوفاء الكبير لمن وهب كل حياته لقضية شعبه، للذي عاش بين أبناء شعبه وناضل من أجلهم، فبادلوه الوفاء بالوفاء. وبناءً على توصيته دفن جثمانه في باحة داره الكائن بالحارة الغربية في مدينة القامشلي.

قامشلو

22 – 10 – 2015

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...