علي شمدين: وأسبقية البيضة أم الدجاج

Share Button

رغم الضجيج المتعالي الذي رافق طرح موضوع الاستفتاء على استقلال كوردستان العراق، سواء من جانب المطالبين به أو المعترضين عليه، إلاّ إنني تجنبت الانخراط فيه لدوافع في مقدمتها إن المشاركة في هذا الضجيج لن يساهم إلاّ في زيادة ردود الفعل على هذه المبادرة التاريخية من جانب الشوفينيين الحاقدين على الشعب الكوردي وقضيته القومية أينما كانت، وفي وقت لا أملك حتى حق التصويت بنعم في صناديق الاقتراع لصالح الاستقلال الذي يدغدغ بإيقاعه العاطفي مشاعر كل كوردي شريف، ولإيماني القاطع بأن مثل هذا القرار المصيري يعود لشعب كوردستان العراق وقيادته السياسية التي قطعت في تجربة الحكم والإدارة والعلاقات الدولية والإقليمية وحتى الوطنية العراقية أشواطاً عظيمة تؤهلها أن تقرر بصوت واحد لما فيه خير الشعب الكوردي ومستقبله، فهم أدرى بشعاب جبالهم المنيعة وما تخزنها في أحشائها من ثروات وعوامل القوة التي بها فقط يشد الاستقلال المنشود أزره.

ولكن ما دفعني إلى الخروج من هذا الصمت الإيجابي، هو ما تضمنه البيان الختامي لما يسمى بـ(البرلمان العربي) الذي عقد اجتماعه في العاصمة المصرية القاهرة يوم الاربعاء المصادف (5/7/2017)، من مواقف شوفينية مستنسخة من فكر ميشيل عفلق وصدام حسين وغيرهما من رواد الفكر العنصري الأسود، والحاقدة ليس فقط على الشعب الكوردي وقضيته القومية العادلة، وإنما حتى على كلمة الـ(كوردي) نفسها، وكذلك مزاودة الموقعين على البيان حتى على الحكومة العراقية التي لازالت على الأقل تتفاعل مع هذه المبادرة بعقلية أكثر انفتاحاً ومرونة ولو على الصعيد الاعلامي، حيث جاء في البيان: (يهنئ المؤتمر العربي الشعب العراقي بكافة مكوناته بهذا الإنتصار في الموصل، والذي تحقق بوحدته الوطنية وشجاعة قواته المسلحة بكافة صنوفها)، طبعاً يتعمد البيان تجاهل اسم هذه المكونات لتجنب ذكر اسم الكورد، وتجاهل تعداد صنوف القوات المسلحة لتجنب ذكر اسم البيشمركة الذين كانت لهم اليد الطولى في تحقيق هذا النصر الذي يفتخر به المؤتمر العروبي اليوم، ويغمز البيان بحقد بين سطوره المسمومة إلى عملية الاستفتاء ورفضها له بشدة، حيث يقول: (يقف المؤتمر العربي ضد تقسيم العراق ويرفض أيّة إجراءات من شأنها أن تمس وحدته وسلامة أراضيه)، ويهدد بصرامة كل من يعرض هذه الوحدة للخطر، والمقصود به هنا الكورد تحديداً دون ان يطاوعهم حسهم العنصري الحاد من ذكرهم بالاسم، فيقول البيان: (وسيتصدى البرلمان العربي بكل الوسائل لمحاولات النيل من وحدته الإقليمية وسيادة واستقلال هذا البلد)، طبعاً دون أن يحرك هذا المؤتمر ساكناً عندما سلم قادة العراق العروبيين حينذاك الموصل على طبق من ذهب لداعش لتقيم عليها خلافتها الإسلامية، لابل استسلم لقطعانها الضارية جيشه الجرار ليجر خلفه ذيول هزيمته من دون محاسبة أومساءلة.

فإذا كان البيان قد استفزني بمضمونه العنصري الحاقد، وحرضني على هذه الكتابة العاجلة، فإنني مع ذلك لا ألوم الموقعين عليه بما ضمنوه بيانهم من حقد وكراهية ضد الكورد، لأنهم رغم الخلافات التي تمزق صفوفهم حتى العظم، ورغم تعرض بلدانهم لغزوات عاصفة من القوى والمنظمات الإرهابية والتكفيرية البربرية، أقلها منظمة داعش والنصرة والقاعدة وغيرها، إلاّ إنهم أكدوا من جديد بأنهم مازالوا يقفون صفاً واحداً ضد الشعب الكوردي، ويجمعون على تهديد وطنه كردستان بما يملكون من أسلحة فتاكة لم يفكروا يوماً بامتشاطها حتى ضد عدوهم الذي ما زالوا يسمونه بـ(الرقم واحد).

ولكن لومي، وشماتتي تظل موجهة صوب الكورد دون سواهم، الذين يزدادون انقساماً في هذه الظروف التاريخية الذهبية، حول أسبقية البيضة أم الدجاج.

عن شبكة رووداو الإعلامية

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...