لقد أثارت زيارة اعضاء من قيادة المجلس الوطني الكردي في سوريا ضريح الدكتور نورالدين زازا في مدينة لوزان يوم الاربعاء 6/7/2016، موجة واسعة من التعليقات وعلامات الاستفهام حول دوافعها واهدافها على صفحات التواصل الاجتماعي، هذه الزيارة وبحسب ما وصفها موقع (يكيتي ميديا)، فانها جاءت على هامش الورشة التي نظمها المجلس الوطني الكردي في سوريا، لمناقشة دستور لسوريا وكردستان سوريا.
لاشك بإن مثل هذه الزيارات تمر عادة بشكل طبيعي من دون ضجيج، لابل تسجل عادة في خانة الوفاء والتقدير للذين يتم زيارة أضرحتهم، ولكن بالتدقيق في سيل التعليقات التي كتبت حول أهداف هذه الزيارة والتساؤلات التي أثيرت حول دوافعها، يمكن بسهولة استنتاج الخلفية التي انطلقت منها هذه الموجة من السخط والاستهجان، وهي ان المرحوم زازا الذي واجه في نضاله اغتيالاً سياسياً غادراً ووقع ضحية حملة شرسة من التخوين دفعته مرغماً إلى الإنسحاب من الساحة السياسية ليعود من جديد إلى بلاد الغربة ليدفن هناك بصمت بناءاً على وصيته الصارمة التي ترفض نقل جثمانه إلى وطنه وتمنع الذين ساهموا في إغتياله من زيارة ضريحه، كردة فعل منه تجاه تلك المؤامرة التي استهدفت دوره التاريخي في رسم مستقبل الشعب الكردي في سوريا، وقيادته إلى مصير أفضل مماهو عليه الآن من تشتت وتشرذم وضياع.
لاشك إن البعض من أعضاء الوفد قد شملتهم هذه الحملة ظلماً مثل السيد طاهر سفوك، وهم الذين ليس فقط لم ينخرطوا في حملة التخوين تلك ضد زازا، وإنما كانوا معه ضحية لها ودفعوا من بعده ضريبة قاسية لمجرد انتمائهم لمدرسته السياسية الواقعية واتباعهم لنهجه الموضوعي، كما إن البعض الاخر منهم ولصغر سنهم أو لأنهم لم يولدوا بعد آنذاك، فهم لم يعاصروا شخصياً تلك اللعبة المفبركة التي نجحت مع الأسف في تصفية شخصية كاريزمية دافعت بعناد عن استقلالية قرار الحركة الكردية في سوريا وحافظت بموضوعية على خصوصيتها القومية، وقادتها بواقعية على طريق التحرر والانعتاق من نير الظلم والاضطهاد، وهؤلاء أيضاً لايتحملون بالطبع وزر ممن سبقوهم في هذا المجال.
لاشك ان الحملة تستهدف تحديداً أولئك الأعضاء من الوفد الموقر، الذين شاركوا شخصياً وبسابق تصميم وإصرار في جريمة الإغتيال السياسي الغادرة التي نفذت بحق زازا، لابل أمضوا سنوات طويلة من عمرهم السياسي ومازالوا في محاربة تلامذته وملاحقة حاملي نهجه وفكره السياسي باتهامات مسمومة واشاعات قاتلة، هؤلاء تحديداً هم الذين قصدهم زازا في وصيته.
كيف إذاً تجرأ هؤلاء من الوقوف اليوم وجهاً لوجه أمام ضريح نور الدين زازا مع إنهم كانوا قد ترددوا من قبل ولأكثر من مرة الى هذه الأصقاع دون ان يبادر إلى ذهنهم زيارة هذا الضريح ؟!، ترى هل جاؤوا بعد مرور ما يقارب النصف قرن من الزمن على اغتياله، ليقدموا له الإعتذار على ما ارتكبوه بحقه من إثم ؟!، أم إنهم جاؤوا نادمين ليعلنوا التزامهم بفكره السياسي في كتابة دستورهم العتيد لسوريا الجديدة وصياغته وفقاً لمنهجه الواقعي الذي إغتالوه معه من دون أن ترف لهم جفن ؟!.
أبداً لم تشهد زيارة هؤلاء لهذا الضريح المقدس أيّ من هذه التوقعات مع الأسف الشديد، وإنما كانت الزيارة مجرد خطوة إستعراضية هي أقرب في دلالاتها إلى زيارة غورو لقبر صلاح الدين الأيوبي في دمشق، فقد اقتصرت الزيارة – وبحسب يكتي ميديا – على قراءة الفاتحة على نهاية هذا الرمز التاريخي ليس إلا، وجاءت كذلك متزامنة مع الإحتفالات التي أقامها هؤلاء في الرابع عشر من حزيران المنصرم بمناسبة مرور تسعة وخمسين عاما على تأسيس الحزب الذي ترأسه زازا، في محاولة غير موفقة منهم للإستيلاء على إرثه السياسي واختطاف تاريخه النضالي من دون وجه حق.
**- عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
نقلا عن صحيفة بوير برس
buyerpress