علي شمدين: حملة إبراهيم اليوسف رمز للإنتقام الطائفي

Share Button

36 - علي شمدين

لم تنطلق من الفراغ تلك الموجة من الإحتجاجات الواسعة التي أثارتها النقلة التكتيكية التي أقدمت عليها (جبهة النصرة)، بتغيير إسمها إلى (جبهة فتح الشام)، وفك ارتباطها مع تنظيم (القاعدة) تمهيداً لتسللها إلى صف المعارضة، وإنما انطلقت من الإرث الفكري التكفيري ومن التاريخ الدموي المرعب لهكذا جماعات متطرفة تحمل معها بذور الطائفية والإرهاب، وتخلف ورائها الدمار والخراب إينما حلت، حتى باتت وبغض النظر عن مسمياتها وإرتباطاتها المشبوهة، تشكل وباءاً ينذر بالخراب والدمار.
وكان هذا هو الدافع الأساسي الذي دفعنا للتحذير من هذه اللعبة الخطيرة التي لعبتها مؤخراً جبهة النصرة، والتي روجت لها المعارضة السورية بأوسع أطرها (الهيئة العليا للتفاوض)، وبأقدم تنظيماتها السياسية (جماعة الأخوان المسلمين)، فضلاً عن عدد من أبرز رموزها السياسية والثقافية التي هللت لهذا التنظيم التكفيري الذي لمع نجمه على إثر تعامله الوحشي مع ضحاياه، وتلذذه السادي بالتمثيل بجثثهم وأكل لحومهم وأكبادهم.
وبمتابعة الأحداث العسكرية الأخيرة الجارية على الساحة السورية عامة، وخاصة في مدينة حلب نرى بأن هذه الجبهة وبإسمها الجديد أخذت تتصدر صفوف ما تسمى بقوات المعارضة وقيادة عملياتها الميدانية بنفسها، وتتصرف كجزء عضوي من جسمها الهزيل الذي بات يشكل حاضنة مناسبة لنمو فكرها الطائفي، ولعل تسمية الحملة الأخيرة على كلية المدفعية بمدينة حلب بإسم (معركة الشهيد إبراهيم اليوسف)، تؤكد ما نقوله بالدليل القاطع، وذلك لما لهذا الإسم من دلالات طائفية وإرهابية مقيتة تثير الرعب والقلق لدى مختلف المكونات القومية والدينية من إختراق هذه المنظمات لصفوف المعارضة والاستيلاء على زمامها، واختطافها نحو المجهول.
فمن هو إبراهيم اليوسف ؟ إنه الضابط في كلية المدفعية بحلب، والقيادي في تنظيم (الطليعة المقاتلة)، الجناح العسكري المتشدد لجماعة (الأخوان المسلمين)،الذي قام بتنفيذ مجزرة مروعة اختار ضحاياها على الهوية الطائفية، عندما دعا خلال مناوبته الليلية الطلاب الضباط العلويين العزل إلى إجتماع طارئ في مبنى مطعم الكلية ليلة (16/6/1979)، ليطلق عليهم النار بدم بارد، راح ضحيتها آنذاك المئات من بين قتيل وجريح لمجرد انتمائهم لطائفة بعينها ليس إلاّ، واصبحت الشرارة التي إندلعت منها الفتنة الطائفية في سوريا خلال الثمانينات من القرن المنصرم، وقد أثارت تلك المجزرة حينذاك موجة من الشجب والسخط والاستنكار من لدن فئات المجتمع السوري جميعها، ومن بينها جماعة (الأخوان المسلمين)، التي سارعت هي الأخرى إلى إدانتها لهولها وبشاعتها.
لاشك إن الشعب السوري لم يشعل ثورته قبل أكثر من خمس سنوات من أجل إعادة التاريخ إلى عهد البربرية والتوحش واشباع غريزة الانتقام الطائفي الذي كان إبراهيم اليوسف أحد أسوأ رموزها المعروفين، وإنما من أجل نيل الحرية والكرامة في ظل نظام علماني ديمقراطي فيدرالي يؤمن بالتسامح ويحترم التعددية ويقرّ بحرية الطوائف والأديان، وقدم في سبيل ذلك الملايين من الشهداء والجرحى والمفقودين واللاجئين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية لبلاده تدميراً كاملاً، فهل ستقر المعارضة الديمقراطية الحقيقية بهزيمتها أمام هذا الغول المنبعث من رحم الشوفينية والطائفية، أم إنها ستسارع إلى لم شتاتها وتوحيد جهودها في مواجهته بعزيمة أشد من التي واجه بها الدكتاتورية والاستبداد ؟!.
11/8/2016
————–
علي شمدين/ عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...