علاء عبدالمولى: عرب أم سوريّون؟

Share Button

ارتفعت في السنوات الأخيرة فكرة غاضبة وصارخة لدى كثير من السوريين، تفيد هذه الفكرة في أننا سوريون 11947550_916098401804360_5982197808305759960_nولسنا عرباً. وارتفاع هذه الفكرة على شكل احتجاج من الأطراف كلها على تخاذل الدول العربية الشقيقة في المساهمة في إنقاذ سوريا من كارثتها ومجازرها وأزماتها، هو دليل على أنها فكرة كانت كامنة لدى الكثيرين ولكن الظروف السياسية لم تكن تتيح لهم حرية التعبير عنها. لكن لدى التدقيق في خلفياتها ووضعها موضع الدرس والبحث فسوف نعثر على الكثير من إمكانية السجال التاريخي والثقافي المتعلق بمفهوم الهوية، وهو سجال يفصح عن جدارةِ فكرة أننا (سوريون) ولسنا (عربا). وهذا ليس طعنا في عرب ولا عروبة ولكنه وضعٌ لهما في سياقهما البحثي والتاريخي. ويمكن لحرية التفكير أن تقودنا إلى أن (العروبة) مفهوم تطابق مع رؤية إسلامية موروثة كرستها هيمنة الإسلام على منطقة بلاد الشام، وشمال إفريقيا، حتى ما كان يسمى الأندلس. هذه الهيمنة مسحت هويات وإثنيات كثيرة وأعادت صياغتها بما يتوافق مع الرؤية الإسلامية التي لم تكن إلا شكلا من أشكال العولمة! لذلك نرى أدبيات حزب البعث تستلهم بلا وعيها ثقافةً إسلامية ساعدتها في فرض رؤية الحزب وأيديولوجيته. ومن نتائج ذلك على المجتمع السوري أن تلاشت بعض ملامحه الداخلية الأصيلة، وتم تسويق مشاريع عروبية لا تجد كثيرا من براهينها الواقعية. وقد فتح ذلك ثغرة بنيوية هائلة في جسد حزب البعث وفي السلطة التي هيمنت عليه ولا سيما بعد ما يوصف بالحركة التصحيحية. إذ لم يكن من مصلحة الدولة السورية محو هويات الأكراد والآشوريين والسريان على سبيل المثال، أو التشويش على هذه الهويات وتعريب جغرافيتهم ومدوّناتهم لإجبارها على الانصهار في نسيج العروبة. إن هذا كان عملية قسرية أضعفت العلاقات داخل الدولة كمجتمع وسياسة، إضافة إلى أنه تزوير من عمل السلطة.
إن (اللغة) التي تم تقديمها على أنها رابط أساسي للعرب، كانت أداة من أدوات الإسلام وليس العرب، باعتبارها لغة الأقوى والمهيمن. وليس هناك صلة بين ديمقراطية الدولة وبين سياسة الكبت والمنع التي مورست بحق الإثنيات والجماعات البشرية القاطنة في هذه المنطقة قبل انتشار العروبة فيها.
أجل، إن الصرخة الغاضبة (نحن سوريون لسنا عرباً) يجب أن تجد وضعيتها الثقافية والفكرية والسياسية، وهي كما قلنا لا تعني القطيعة مع من يؤمنون بالعروبة، أو من يؤدلجون لها، ولكنه تأطير للفكرة وتنظيم علاقتها مع الأفكار الأخرى من غير محو ولا تشويه ولا افتراس.
من نتائج الدم (السوري) أننا الآن نضع أيدينا على قناعات كانت متخفية، وربما كان من الأجدى تاريخيا أن نضع أيدينا عليها من غير هذا الدم. ولكن… لو كان مسموحا لنا إشهار هذه القناعات والأفكار هل كان الدم السوري سال بهذه الغزارة الفاجعة من الأساس؟!

علاء الدين عبد المولى
22 آب 2015

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...