يبدو إن النبرة التحريضية على الطائفية صارت شيئا ملازما مع كل تصريح يصدر من بعض المعارضين السوريين و إنها ليست المرة الأولى التي نسمع بأن احد المعارضين للنظام السوري نشر على صفحاتهم الفيسبوكية منشورات تحرض على الطائفية بين مكونات الشعب السوري و وصلت ببعضهم لحد التحريض على القتل و التطهير العرقي و وصفها البعض من المثقفين بأنها لا تحمل أي صفة أخلاقية أو إنسانية و عنصرية عمياء و إن من يقرأها لا يدري مدى نشر تلك السموم و التي تنتشر على المدى الواسع حيث المئات من المتصفحين الذين تتغلغل في عقولهم تلك السموم و تصل لمشادات بين المتابعين إلى حد التنكيل بضحايا الثورة السورية و التي تبرأ البعض من متبنيها من هكذا شخصيات تدعي معارضتهم للنظام
و من الطبيعي تعرض أي نظرية لحالة شواذ و يصف البعض هؤلاء بشواذ الثورة السورية و يعود ظهور مثل هكذا حالات إلى أسباب عدة
فكما نعلم جميعا إن معظم المعارضة السورية هم كانوا أعضاء في حزب البعث العربي السوري أو موظفين لدى بعض فروع الامن السوري وانشقوا عنها و أنا لا أتهمهم بالعمالة للنظام طبعا فمنهم من له صلة متينة مع رجالات الحكومة التركية و ميتها أي الاستخبارات و منهم مع إيران و العراق و تعددت الاجندات و اختلفت الآراء و كثرت الخلافات حتى بين المعارضة و هذا ينقلنا لموضوع آخر و يعود سببها إلى انعدام وجود كتلة سياسية حزبية تضم قواعد و تنظيمات و مكتب سياسي لصنع القرار و مواجهة العوائق التي تعمل على إجهاض اتفاق يوصل بسوريا إلى بر الأمان و هذا مآخذ من الجميع على المعارضة التي لم تجد آلية حقيقة للوصول إلى مثل هكذا مشروع.
كما ان العقلية الشوفينية أيضا تعمل في مثل هذه الظروف الدموية و التي لا تقبل أحدا غيرها حيث تصل بهم العنصرية العمياء إلى التحريض على القتل و إعادة زمن الدكتاتوريات إلى الساحة السورية في سبيل بقاء العرق الواحد أو مذهب واحد لا غيره
و لابد من التطرق إلى العامل الرئيسي لخلق هذه الأفة و هي عقلية النظام الطائفية المشيدة على فكر عقائدي و هذا سني و هذا علوي و الذي ساهم بإنشاء أرضية صلبة لفكرة الطائفية و التي أثرت كثيرا في نفوس من تعرضوا لقمع النظام و خلقت لديهم الحقد و الكراهية و تكونت لديه فكرة الانتقام من باقي الأقليات و مهما كلف الثمن ليكلف
طبعا النظام اتبع سياسة فرق تسد و اعتقد انه نجح في ذلك و خطابه الأخير كان خطابا قد وضع ملامح سوريا القادمة و التي ستكون صراعات لرسم كل طائفة لحدودها
يعتقد البعض إن سوريا قد وصلت لمعضلة يصعب حلها بعد إراقة كل هذه الدماء و الحقد الذي ملء القلوب و البعض الاخر يشعر بالتفاؤل بعودة السيكولوجية السورية إلى عهدها السابق بعيدا عن العنف و القتل و ان هناك تجارب أفظع من الازمة السورية و تم حلها مع مرور الوقت .
و لكن سوريا الان هي بركان لا ندري متى سينفجر و المعارضة تعيش في بيت أوراقها الداخلية مبعثرة تماما و لابد أن تبدأ بترتيبه و أن تعرف أصدقاء سوريا من أعدائها و أن تحسم قرارها بخصوص القضية الكردية في سوريا و ان تعترف إنها قضية كل الشعب السوري و انها قضية إنسانية قبل ان تكون قومية أو سياسية كما إنها لابد أن تقف في وجه كل هذه التحريضات التي ستحرق السوريين بأكملهم أو ستكون سوريا في كارثة حقيقية محتملة