عبدالله ناصر العتيبي: العربي يزور الفارسي والكردي يزور العربي!

Share Button

قبل أيام كان الرئيس العراقي فؤاد معصوم في السعودية. والتقى خلال زيارته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعدداً آخر من المسؤولين السعوديين البارزين.95222897ea7c4265a05860a35e80c894
الرئيس معصوم (الكردي السني) اختار المملكة في أول جولة خارجية له، فيما اختار رئيس الوزراء حيدر العبادي (العربي الشيعي) زيارة إيران في أولى جولاته الخارجية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
العربي يزور الفارسي. والكردي يزور العربي. وبنظرة من زاوية أخرى، وهي الزاوية المتاحة الآن على الأرض: الشيعي يزور الشيعي، والسني يزور السني.
رئيس الوزراء حيدر العبادي حمل كل التعقيدات الداخلية في بلده والصلاحيات التي في يده وتوجه بهما إلى الجار الشرقي، بينما جاء الرئيس معصوم إلى الرياض حاملاً آمالاً عريضة وتمنيات كبيرة فقط. وبناء على هذه الحدية السياسية، يمكننا وزن العاصمتين الرياض وطهران في موازين النخبة العراقية الحاكمة.
أريد هنا أن أتحدث عن عراق واحد، لكن ذلك متعذر وإن أردت. ما زال العراقيون منقسمين، وبالتالي فعلينا أن نسير على الدرب ذاته.
العرب الشيعة في العراق ينظرون إلى زيارة الرئيس معصوم للسعودية بنظرتين مختلفتين. والعرب السُنّة كذلك. أما الكرد فنظرتهم واحدة.
زيارة الرئيس معصوم لا تتعدى كونها مهمة سامية لمندوب سام، جاءت لمحاولة التوسط لدى القيادة السعودية لمراجعة الحكم الصادر في حق الزعيم الشيعي نمر باقر النمر الذي صدر حكم قضائي بإعدامه الشهر الماضي. فالرئيس معصوم الذي ليس له من الصلاحيات التنفيذية ما لرئيس الوزراء، بحكم النظام البرلماني للجمهورية العراقية، زار قبل زيارته للسعودية مدينة النجف والتقى المرجع الشيعي السيد علي السيستاني الذي حمّله على ما يبدو أمنية (دينية شيعية) بالنظر في موضوع أحد المؤمنين بولاية الفقيه العابرة للدول ومراكز الحدود.
قسم كبير من الشيعة العراقيين لا يعقدون آمالاً كبيرة على زيارة معصوم للرياض، لأنهم ومن منطلقات عقدية شيعية لا يرون في السعودية جاراً قابلاً للدخول في شراكة سياسية واقتصادية، لا لأنهم يظنون أنها لا تريد ذلك، وإنما لأنهم يفرزون دول المنطقة بناء على المرجعيات الدينية. هذا القسم في الغالب يؤمن بغلبة الدين على السياسة، وبالتالي هو رهين للتفسيرات التاريخية لكل القضايا المعاصرة، سياسية كانت أم اقتصادية.
وقسم صغير (علماني وليبرالي وقومي في الغالب) يؤمن بأن الرئيس معصوم قد يعيد الحياة من جديد إلى العلاقات السعودية – العراقية، ما سيسهم شيئاً فشيئاً في إدخال العراق إلى المنظومة الخليجية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على مستقبل العراق.
السُنّة العرب من ناحيتهم منقسمون إلى قسمين، قسم هو الغالب يرى أن السعودية هي الامتداد المرجعي لوجوده، وبالتالي فهو مع الزيارة قلباً وقالباً، ويرى أن مصالح الأمة العربية برمتها مرتهنة لحال العلاقة السعودية – العراقية. وقسم (علماني وليبرالي وقومي في الغالب) لا يرى أن السعودية هي الخيار الأفضل للمستقبل العراقي بسبب تدثر مؤسساتها السياسية باللباس الديني.
الكرد يغنون في شمالهم وحيدين، وكل ما يعنيهم عدم التدخل في شؤونهم. زار الرئيس معصوم السعودية أم لم يزرها، فإن الأمر لا يقدم أو يؤخر شيئاً في حساباتهم.
ليس متوقعاً أن تحمل زيارة الرئيس معصوم تغييرات جذرية في شكل العلاقة بين السعودية والعراق، لكن لو كنت في حذاء المواطن العراقي، كما يقول المثل الإنكليزي، سواء كنت شيعياً أم سُنّياً أم كردياً لوزنت مصلحتي على ميزان الوقت.
يقول العراقي البسيط: منذ عام 2003 والسياسة العراقية الداخلية والخارجية مرتهنة لصناعها في طهران، فماذا تحقق للعراقيين مواطنين ودولة؟ ماذا خسرنا؟ وماذا كسبنا؟
يقول المواطن العراقي البسيط: لو كنت مكان الرئيس معصوم لأضفت مسحة دينية عليّ، ولو كنت مكان رئيس الوزراء حيدر العبادي لتعلمنت، وكل ذلك من أجل العراق ومستقبله. جربتم السفر شرقاً لعشر سنوات، فماذا سيضيركم لو جربتم السفر جنوباً لسنة واحدة؟ز
نقلا عن الحياة

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...