هذا السؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين من المتتبعين والمراقبين ، وإذا كانت الدولة التركية وخصوصا رئيسها رجب طيب اردوغان يريد استعادة أمجاد أجداده في الامبراطورية العثمانية بغية توسيع رقعة الدولة التركية واحتلال مناطق ودول أخرى متناسيا بأن عهد الماضي قد ولى ومضى أكثر من خمسمائة عام على احتلالها لدولة المماليك المنهكة آنذاك ، وهذا العصر يختلف تماما عن تلك وتتواجد في المنطقة قوى وأحلاف سياسية وعسكرية كبيرة وقوية جدا تفوق قدرات دولته عددا وعدة واقتصادا وعلما ولها مصالح ومناطق نفوذ يحظر على الغير التعرض لها أو المساس بها واعتقد بان تركيا أصغر من أن تصطدم بالجدار الذي بناه هؤلاء الأقوياء (الروس والأمريكان)، لاسيما وهي تعاني من أزمة داخلية خانقة، والشعب التركي يتساءل دائما لماذا هؤلاء القادة يزجون بأبنائنا في حروب ومعارك خارجية ؟ نحن بالغنى عنها ، لا ناقة لنا فيها ولاجمل ، والشعب التركي على دراية تامة بأن هذه التصرفات الغريبة ليست سوى محاولات يائسة من النظام لتصدير أزمته الداخلية وتغطية فشله السياسي والاقتصادي وجر البلاد إلى مسالك الخطر والانهيار ،في وقت كانت بلادهم تمر في مرحلة النمو الاقتصادي والانتعاش السياسي وتواكب الكثير من الدول المتقدمة في العالم .
أما إذا كان النظام التركي يمارس كل هذه السلوكيات والاخطاء ويتجاوز حدود الغير ويحتل أراضيه وينتهك حرماته تحت ذريعة حماية الأمن القومي ومكافحة القوات الكردية مدعيا بأنها تابعة لحزب العمال الكردستاني، فإن هذه القوات المتمثلة ب قسد لم تعترض يوما من الأيام أمن واستقرار الدولة التركية الجارة ، وإنما تحالفت وانضمت إلى الدول والقوى التي تكافح الإرهاب والفصائل الراديكالية ك داعش والنصرة وغيرهما وقدمت عشرات الألاف من الشهداء والجرحى ولم تتشكل هذه القوات لمحاربة الدولة التركية أوزعزعة أمنها وتهديد حدودها .
ولهذا يتطلب من النظام التركي العودة إلى رشده وإعادة حساباته من جديد .
وللتخلص من هذا المأزق الخطير والخروج من النفق المظلم الطويل : يتوجب عليه الانسحاب الفوري من المناطق والمدن التي احتلتها قواته في الشمال السوري كعفرين وجرابلس ومنبج ورأس العين وتل أبيض وإدلب وغيرها، وعدم تكرار مثل هذه الأخطاء مستقبلا والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وترك السوريين ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم . كما يتوجب على الدولة التركية تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع جيرانها كردا وعربا وبناء أفضل علاقات التعاون وحسن الجوار ورسم مستقبل يعيش فيه أبناؤها وأحفادها بسلام ووئام ، وهكذا ستكون تركيا عامل أمن وهدوء واستقرار في المنطقة على عكس ماحدث ويحدث الآن .
عباس مصطفى
ديرك : 22/شباط 2020