من بديهيات السياسة أن تكون الشعارات التي يرفعها أي شعب(مضطهد )ويناضل في سبيل حقوقه المشروعة أن تكون متلائمة والظروف والمستجدات التي تحيط به ، ومرافقا ومواءما مع الإمكانات المتوفرة لديه ، ومدى تقبل شعبه لتلك الشعارات ، وإلا سيكون عبئا ثقيلا ويعود بنتائج سلبية ، وأحيانا كارثية وهذا ما حصل لشعبنا الكردي في كردستان تركيا عندما أعلن(حزب العمال الكردستاني)ثورته في بداية ثمانينات القرن الماضي بالرغم من النداءات الكثيرة والتي وجهت إليه وأبدت رأيها بعدم إنضاج الظروف الذاتية والموضوعية لكنها لم تلق آذانا صاغية من ذلك الحزب وحصل ما حصل من قتل لخيرة شبابنا الكرد في معارك غير متكافئة ، وتدمير الآلاف من القرى الكردية هناك .
وفي المقابل عندما وجدالحزبان الرئيسيان في كردستان العراق(الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ) أن الظروف الذاتية والموضوعية قد انضجت فغييروا شعارهم من الحكم الذاتي إلى (الفيدرالية )في جلسة البرلمان الكردستاني عام 1992واستغلوا ذلك بدراية وموضوعية وقد نجحوا في مسعاهم وبتأييد ودعم من التحالف الدولي .وهنا يحضرني قول للدكتور الشهيد(عبدالرحمن قاسملو )طيب الله ثراه في مقابلة له مع مجلة (الصياد )اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي وإثناء إحدى زياراته إلى العاصمة النمساوية فيينا فيقول :
((دعاني مجموعة من الطلاب الكرد الإيرانيين إلى وليمة غداء ، فلبيت طلبهم مشكورا وعندما جلست في الشقة لمحت في صدر الصالون لافتة مكتوب عليها وبالبنت العريض(عاشت كردستان حرة مستقلة )مما أثار دهشتي فشرحت لهم الفرق بين الشعارات الواقعية والموضوعية وبين الشعارات المتطرفةوضربت لهم مثالا على ذلك وقلت :
لدي إثنا عشر ألفا من البيش مركة البواسل وليس بإمكاني رفع مثل هكذا شعار. علما أن عدد هؤلاء الطلاب لم يكن يتجاوز أصابع اليد الواحدة ورفعوا هذا الشعار…..!!!! الذي هو حلم كل كردي في كردستان ، لكن الظروف والإمكانات هي التي تحدد نوعية الشعار المناسب للمرحلة التي تعيشها.
والكثير من ثوراتنا وانتفاضاتنا أصبحت ضحية الشعارات البراقة والفضفاضة و(فيدرالية )روج آفا_شمال سورية مثالا حيا لعدم إنضاج ظروفها الذاتية والموضوعية ، وما نتج عنها من ويلات ومآسي لشعبنا الكردي في كردستان سورية ونتيجة لتفرد حزب الإتحاد الديمقراطي وعنجهيته ، وعدم تقبله للشراكة الحقيقية مع أحزاب الحركة السياسية الكردية وووووووو. إقتداءا بالمثل الشعبي القائل :
(على قياس بساطك مد رجليك )
ألمانيا 28/12/ 2016