
صدور العدد الجديد (650) من جريدة الديمقراطي باللغتين العربية و الكردية.
الافتتاحية :
في الصميم
في مثل هذه الأوضاع المتشابكة والتي تتسم بالهشاشة والحساسية والتعقيد، كتلك السائدة على الساحة السورية، لا يمكن السير نحو الاستقرار وضبط الأوضاع بالممارسات والأعمال التي ترتكبها فئة ترى نفسها متماهية بالسلطة القائمة وتعتبر نفسها وريثة هذه السلطة وتستغل انتماءها الطائفي للإساءة إلى باقي الطوائف والمكونات، وتقوم بأعمال تشعر الآخرين بالفزع وتعمق لديهم القناعة التامة باستحالة العيش المشترك مع هؤلاء الذين يستغلون انتماءهم لتركيبة السلطة، الأمر الذي يدفع الآخرين إلى اتخاذ ردات فعل متشددة نتيجة الخوف من تسليم مصيرهم لجهة تهددهم علنا وتمارس على الأرض أعمالا عنصرية وترهيبية وتمييزية لا تقبل الآخر المختلف، بل وتسعى إلى إزالته من الوجود. وكل ذلك يتم أمام مرأى ومسمع السلطة القائمة المؤقتة التي، وإن كانت تدلي بتصريحات مرنة قد تبدو توفيقية أحيانا، لكن على أرض الواقع لم تخط خطوة واحدة عملية تبعث على الاطمئنان لدى سائر مكونات الشعب السوري، وقد أطلقت العنان للأصوات العنصرية والشوفينية للإساءة إلى مكونات الشعب السوري علنا، وفي المظاهرات وعلى رؤوس الأشهاد دون حسيب أو رقيب. وقد ثبت حتى الآن أن تلك التصريحات “الإيجابية” لم تتعد الطابع التكتيكي وأنها تهدف من ورائها تثبيت أركان حكمها ونيل الشرعية من الخارج لتستقوي على الداخل.
ولا نرغب هنا في تكرار ما تم ارتكابه حتى الآن فالأعمال هي بحد ذاتها تفصح عن نفسها وتحفر مجراها عميقة في نفوس المواطنين السوريين الذين ما كادوا يصدقون الخلاص من النظام البائد وشروره، ليتفاجؤوا بأن البديل ليس على مقاس آمالهم وتطلعاتهم. وأن الوطن لم يصبح على طريق التعافي بعد. ولا شك أن هؤلا وبهذه الممارسات وبتشدقهم بالدفاع عن السلطة والتهجم من خلال خطاب الكراهية المقيتة على كل ما هو مختلف عنهم، بدل أن يتبنوا خطابا وطنيا يدعون من خلاله إلى الوحدة والتكاتف والمطالبة بمنح كل مكون حقوقه في إطار دولة ديمقراطية لا مركزية تكون قادرة على تخطي هذه المرحلة خصوصا وأن سوريا تشهد اليوم أكثر من قوة تحتل مساحات شاسعةمن أراضيها، والقوات الإسرائيلية تكاد تطرق أبواب دمشق، نقول بدلا من ذلك، نرى بأن ساحات المدن السورية تشهد مظاهرات تعلوها خطابات عنصرية مقيتة بعيدة تماما عن الطريق الصحيح الذي يمكن من خلاله السير قدما نحو مستقبل آمن، وهم بذلك يسيؤون إلى الوطن قبل كل شيء وذلك هو مصدر التهديد على وحدة وتماسك سوريا أرضا وشعبا.. وباختصار ليس هذا هو طريق إعادة بناء وطن تعرض للدمار والخراب مطولا..
————————————————————————
*جريدة الديمقراطي /العدد 650 / كانون الأول / 2025
*الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
لقراءة العدد اضغط على الرابط التالي:
موقع الديمقراطي Malpera Dîmoqratî
