صدر العدد الجديد (647) من جريدة الديمقراطي باللغتين العربية و الكردية.
الافتتاحية :
قميص الانفصال
ربما كانت تهمة الانفصال هي الأكثر مرارة وإيلاما وجهت باستمرار من حكام عواصم الدول التي يعيش الشعب الكردي ضمن حدودها الإدارية، وضمن كياناتها السياسية المعترف بها دوليا. فالنظام البائد في سوريا، كان يستخدم هذه التهمة ككليشة جاهزة ضد كل من تشتم منهم رائحة السياسة أو النضال من أجل حقوق شعبهم، بصيغة ” العمل على اقتطاع جزء من البلاد وإلحاقه بدولة أجنبية..!” وكأن البلاد كانت قطعة من الجبنة بإمكان كل من يشاء أن يقتطع جزءا منها ويهربها إلى دولة أجنبية، وليس من المفهوم حتى الآن ما هي تلك الدولة الأجنبية؟!! وكذلك شنت الدولة التركية حملات عسكرية، الواحدة تلو الأخرى ضد المناطق الكردية وحتى خارج حدود الدولة التركية بحجة ملاحقة الانفصاليين، وكذلك الحكومات العراقية المتعاقبة، وآخرها نظام المقبور صدام حسين، لم تأل جهدا في تدمير كردستان واستخدم كل أنواع أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة الكيميائية ضد ما كان يسميه ب ” الجيب العميل” وسقط هو، وبقي “الجيب” بجباله الشامخة يتمتع بالحرية في ظل نظام فدرالي اتحادي.. وها هو نظام الحكم للمرحلة الانتقالية في سوريا يكرر ذات الأسطوانة المشروخة بأنه لن يقبل المساس بوحدة البلاد!
يا سيدي، ومن طالب بالمساس بوحدة البلاد؟! إن جل ما طالبت وتطالب به الحركة الكردية في تاريخها لم يتضمن يوما، ولم تكن هناك فيه إشارة إلى الانفصال، وقد وزانت الحركة السياسية الكردية دوما في أدبياتها وفي مطاليبها بين مواقفها القومية والوطنية وهي اليوم لم تتعد ذلك، إذ تركز على توفير نظام حكم لامركزي يقف سقفه عند الفدرالية، وبطريقة يتم التوافق على تفاصيلها من خلال حوار جاد، بناء ومخلص، ضمن إطار وحدة البلاد، مع منح خصوصية للمناطق الكردية، على أن تتولى القوات المتواجدة على الأرض، والتي ولدت من رحم الحاجة لمحاربة أعتى قوة إرهابية في العالم، وهو تنظيم الإرهابي وهزمته رلاحقته إلى آخر معقل له، واكتسبت تجربة قتالية وميدانية، وحازت على اعتراف وثقة التحالف الدولي بها على أنها جزء من هذا التحالف ضد الإرهاب، وهذه القوة هي قوات سوريا الديمقراطية، أن تتولى حماية المناطق المتواجدة ضمن إطار انتشارها، لا بل يمكن أن تكون نواة لجيش سوري وطني، في حال توفرت النوايا الخالصة والثقة المتبادلة..
إن ما يطالب به الشعب الكردي في سوريا اليوم لا يتعدى إيجاد حل ديمقراطي وطني لحقوق شعب يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من الشعب السوري، لكن على أن يتم استيعاب المكونات المختلفة التي يتشكل للشعب السوري عموما في صيغة نظام حكم لامركزي ديمقراطي بعد أن أثبتت التجربة الفشل الذريع لنظام الحكم المركزي الاستبدادي والفردي والدكتاتوري.. مع العلم أن الوضع في سوريا لم يعد يسمح بتكرار تجربة من المؤكد أن مصيرها السقوط في هاوية سحيقة.
هيئة التحرير
——————————————————————
*جريدة الديمقراطي /العدد 647/ أيلول / 2025
*الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا
لقراءة العدد اضغط على الرابط التالي: