صبري حاجي: تركيا.أوربا..طريق وعر

Share Button

العلاقات التي تربط تركيا بأوربا علاقات قديمة تعود الى عهد الامبراطوريات والملكيات التي كانت تحكم وتتحكم بالمال والبشر على السواء ببلدان القارتين أوربا العلمانية الجميلة بطبيعتها 179- صبري حاجيالخلابة والقوية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا في أوقات مضت قبل ان تصبح هي الاخرى عجوزة ومريضة في أن واحد وعلاجها ربما تبدأ بتوحيد العملة تمهيدا لبناء الولايات المتحدة الاوربية حتى تصبح قادرة على منافسة أمريكا باعتبارها الدولة العظمى الوحيدة في العالم من غير منازع ووضع حد لها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .

لتتقاسما معا الموارد والثروات التي تجنيها زعيمة العالم لوحدها وتوزيع الادوار والاستحقاقات على كافة الصعد وفق متطلبات المرحلة الأنية والمستقبلية لاعادة امجاد روما ولندن وباريس وبرلين بطريقة مختلفة تماما كما كان عليه الحال سابقا بعيدا عن الاستفراد والتسلط وترك الماضي للماضي بألامه وأوجاعه والحروب الطاحنة مع بعضهم البعض والتي احرق على اثرها الاخضر واليابس في القرون الوسطى .

وتركيا العثمانية التي حكمت الشرقين الادنى والاوسط والعالم العربي من مشرقه الى مغربه واجزاء من جنوب أوربا لمدة اربعمائة عام في زمن السلاطين وتركيا الكمالية نسبة الى مصطفى كمال اتاتورك المولود اللقيط الذي اصبح فيما بعد مؤسس تركيا العلمانية الحديثة فرد للدولة عافيتها بعد مرض العضال التي اصابتها نتيجة الانكسارات والانحسارات التي تعرضت لها عقب سقوط القسطنطينية والتي تسمى الأن اسطنبول ولهذا السبب نال لقب الأب للشعب التركي .

وبسبب موقعها الجغرافي والاستراتيجي الهام التي تربط القارتين أسيا وأوربا ووقوع جزء صغير منها للقارة الاوربية تريد هي الاخرى الانضمام اليها حرصا منها على مصالحها العليا وحفاظا على امنها القومي ووحدة اراضيها وبالرغم من محاولاتها الحثيثة وجهودها المضنية لقبول طلب ترشيحها لتصبح عضوا في الاتحاد الذي ينضوي تحت لوائه اثنان وعشرون دولة الا انها اصطدمت دائما بالرفض من قبل الدولتين العظميين راعيا الاتحاد وهما المانيا وفرنسا بشروط مسبقة والتي تتضمن .

أولا. حل جميع المشاكل العالقة بينها وبين اليونان وجزيرة قبرص .                                                              ثانيا. استقلالية القضاء .                                                                                                              ثالثا. أن لا تتعارض قوانينها مع القيم والمعايير الأوربية .                                                                         رابعا. الاصلاحات الدستورية العامة وتحديثها بما ينسجم ومبدأ الديمقراطية وتكافئ الفرص وحرية الرأي والتعبير.           خامسا. حل القضية الكردية بالطرق السلمية والديمقراطية ضمن اطار الدولة التركية انطلاقا من مبدأ الشفافية والتعامل في الحقوق والواجبات والمساواة بين جميع افراد الشعب على ان لا يكون هناك مواطنون من الدرجة الاولى وأخرى من الدرجة الثانية .

ولكن بعد اجتياح تنظيم الدولة الاسلامية لأجزاء واسعة من المناطق السنية في العراق وسوريا والدخول في حرب شعواء مع الكرد في جنوب وغرب كوردستان بدءا من جلولاء وطوزخورماتو مرورا بكركوك الى شنكال المنكوبة حتى كوباني الصامدة واعلان دولة الخلافة الاسلامية وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين تشكل على اثرها تحالف الاربعين من أولوياته ضرب أوكار الدواعش والقضاء عليهم فطلب من تركيا الانضمام اليهم وفتح قاعدة الانجرليك لهم لانطلاق الطائرات الحربية منها لقصف مواقع الارهابيين .

عندها بدأ اردوغان يتخبط في فهمه وتعامله للأزمة المستفحلة فهو يريد ان يبقى ونظامه وحزبه في الحكم دون ضغوطات خارجية أو داخلية وغض النظر عن دعمه لداعش سرا وعلنا وقبل الدخول الى التحالف بشروط  مسبقة منها اسقاط نظام الاسد ووضع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على قائمة الارهاب والموافقة على السماح له بأنشاء منطقة عازلة في المناطق الكوردية داخل الاراضي السورية المحاذية لحدودها لمنع الكورد من الحصول على أي استحقاق سياسي على غرار كورد العراق مستقبلا بعد ان اصبحوا جزءا من التحالف الدولي ضد الارهاب فهذا لا يمكن القبول به على الاطلاق وأن حصل وأنشأ منطقة عازلة أو أمنة فستكون باشراف التحالف المعادي لتنظيم الشر والارهاب .

وبسبب ضغوطات داخلية قوية له من المعارضة و من حزب الشعوب الديمقراطية الكوردي برئاسة صلاح الدين دمرتاش الجناح السياسي لحزب العمال الكوردستاني بالنزول الى الشوارع في حال مضى في طريقه الى دعم الارهابيين على حساب عملية السلام مع الكورد سارع اردوغان الى اعتقال اكثر من ثلاثين من ضباط الشرطة  بينهم صحفيون واعلاميون واصحاب الرأي بحجة الانقلاب على حكمه لصالح منافسه الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في واشنطن .

فقد اعتبر الاتحاد الأوربي حملة الاعتقالات هذه بأنها تتعارض مع القيم والمعايير الأوربية موجها بذلك انتقادا شديد اللهجة الى السلطات التركية فأصطدم بجواب اردوغان الغير متوقع دعا فيه الى الاهتمام بشؤونه الداخلية مضيفا هذه الاعتقالات لا تمس ابدا حرية التعبير ولا يوجد أي تهديد للقيم الديمقراطية في تركيا فالمناوشات الكلامية هذه جاءت بعد التقارب الروسي التركي وبع أسبوع على زيارة الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الى أنقرة بهدف تعزيز العلاقات وتعجيل التكامل معها .

ما اثار غضب أردوغان انه قد حاول اثناء وجوده في بروكسل افهام الزعماء الاوربيين الى وجود حكومة موازية له بزعامة الداعية غولن وهو أمر يهدد سلامة البلاد وذلك دون اصغاء احد له لذا وجهت للمعتقلين جميعا تهم تشكيل منظمة ارهابية والاحتيال وتزييف الحقائق بزعم منع وقوع انقلاب وشيك جديد وان استمرار هذه الجو المتوتر وهذه المشاحنات بين الجانبين يجعل طريق تركيا الى أوربا وعرا خاصة ان تركيا هي دولة اسلامية وتزيد عدد سكانها على خمس وثمانون مليون نسمة يعتقد البعض ربما تكون عامل تهديد لأمن أوربا .

لا اعتقد بأن مناورة أردوغان هذه سوف يفضي الى نتيجة مرجوة وهي في حقيقة الامر التستر على دعمه للأرهاب الداعشي واظهاره امام الشعب التركي بأنه خلفية الرحمن انزل لهم من السماء ليدير أمورهم بالعدل والاحسان ولكن في النهاية لا مناص له سوى الاصغاء الى العاقلين من المستشارين والمضي قدما في عملية السلام التركي الكوردي وفق اسس وخارطة طريق جديدة ومرسومة .

  • ماجديبورج .المانيا .19.12.2014

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...