الكل يؤكد على وحدة سوريا. النظام أولاً وبإصرار.. المعارضة تزايد على النظام في ذلك.. وتجاوب دولي منقطع النظير.. حتى الإرهابيين الإسلامويين يؤكدون على تلك الوحدة ولكن بحكم إسلاموي وتنظيم ” الخلافة “…
طيب, لما لم نجد أحداً يتكلم عن تقسيم سوريا من النظام والمعارضة والمجتمع الدولي, فلماذا هذا الإصرار على وحدة سوريا أرضاً وشعباً؟
أعتقد أن ما وراء الأكمة ما يدفع إلى ذلك بشكل منهجي.. فكل من يؤكد على هذه الوحدة في خطابه, يذهب إلى تقسيم سوريا..
وأنا سأقول رأيي إستناداً إلى ما سبق ومنذ نشأة دولة سوريا, مروراً بالحركة التصحيحية وحركة الإخوان المسلمين في بداية الثمانينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذه الذي نرى فيه سوريا جثة هامدة تمزقها الأشرار من كل حدب وصوب كمقدمة طبيعية ومنطقية لتقسيم سوريا… فهل يصدق أحداً من السوريين أن بعد كل هذه العمليات الجراحية التي أودت بحياة مليون إنسان وتدمير كل سوريا وتهجير كل أهلها ( يُقال على أنها نتيجة لأعمال إرهابية على خلفية إندلاع ثورة الحرية والكرامة… فمن لا يمارس الإرهاب على الأرض؟ ).
الحقيقة الواضحة والصاطعة تبدو واضحة كوضوح الشمس على أن من المستحيل التعايش بين السنة والعلويين بعد اليوم وهما يمارسون التطهير المذهبي على الأرض. فكذب من قال أنه يحافظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.. وما ستنتج جنيف اليوم هو المسلك نحو المقاربة بين السلام والتقسيم, لطالما يطلب العلوي من تحت الطاولة ضمان أمنه مستقبلاً. فمن سيضمن له الأمن والسلام غير عملية التقسيم؟ أو تحديد إقليم فيدرالي في حده الأدنى؟
بين السنة والعلويين بحر من الدماء, والذين يستهين بها لا يهدفون إلى أي حل سلمي في سوريا.. الحل يكمن في أن ندع أيدينا على الجرح لنداويه حتى لو احتاج إلى ” الكي ” وقد يتعافى هذا الجرح العميق ” بلدغة حية ” كون السموم المنتشرة على الأرض السورية لا تطهرها إلا السم.
لذلك كان من الأولى بالمجتمع الدولي أن يبحث عن الحلول بين السنة والعلويين.. أما أن يجمع ” ما هب وضب ” من السوريين ليس لهم أية علاقة بعملية تسووية, ويتظاهرون بمظهر الحرص على سوريا, لايمكن أن يصلوا إلى حلول ناجعة تنقذ سوريا وما بقي من شعبها من الكوارث والمآسي والويلات..
من قال أن الأرض ” أثمن من الإنسان ” ؟ فهل يمكن أن نقضي على ملايين من البشر في سبيل صيانة وحدة البلاد لطالما أن الشعب ليس موحداً؟
أعتقد علينا أن نبحث عن حقيقة المشكلة وجوهرها, والتي تكمن في ” إلى أي حدٍ يمكن أن تتعايش مكونات الشعب السوري ضمن جغرافية موحدة ” وخاصة السنة والعلويين بعد كل ما جرى من الأحداث المرعبة والمخيفة التي أنتجت عداوة بين الطائفتين وشرخ دامٍ لا يمكن أن يندمل بطرح شعار من هنا أو نصيحة من هناك.
ولما كانت الوحدة مستحيلة بين المكونات الرئيسية على الأقل, فيمكن أن نرى ضوابط واقعية وممكنة للحد من العداوة والشرخ بين تلك المكونات من خلال البحث عن نظام يحافظ على أمن وسلامة كل مكون مع بقاء جغرافيا البلاد موحدة بأقاليم فيدرالية في حدها الممكن. وهذا لا يمكن إقامتها إلا بدعم من المجتمع الدولي وفرض وصايته في مرحلة التنفيذ وفقاً لدستور تتوافق عليه كل المكونات ” لا أن تُفْرَضَ ” على المكونات. وخارج عن هذا الإطار أو رفضه من أيٍ كان, أعتقد يهدف هذا الذي “أيٌ كان” إلى التقسيم أرضاً وشعباً ( دويلات للمكونات ومقاطعات للعصابات ).
إذاً علينا إتباع طرق الوقاية لكي لا نحتاج إلى علاج مستحيل لداء قاتل.
—————————————
أحـــــــــــــــمد قاســـــــــــــــــم
3\2\2016
كاتب وسياسي كوردي