سامان سوراني: نوري المالکي و محاکم التفتیش في جمهورية الفساد

Share Button

رغم أن تاریخ محاکم التفیش أو مایسمی باللاتینیة بـ ” Inquisitio Haereticae Pravitatis” یرجع الی أكثر من ستة قرون، محاکم 10980705_960211107341755_8792436798867262536_nأنشئت أصلاً من قبل الکنیسة الکاثولیکیة لقمع ومحاربة الهراطقة وأصحاب البدع والردة أو المؤمنین بالسحر، إلّا أنها أستخدمت وخاصة في فرنسا كأداة سیاسیة ضد المناوئین لحکم الملك فیلیب الرابع المعروف بـ “Philippe Le Bel” (١٢٦٨-١٣١٤).

هذه الوسیلة إذن لیست من إبداعات نوري المالكي، الذي لا یمُت بصلة الی الإصلاح ، رغم أنه یصرّ بأنه مالك مفاتیح الإصلاح في البلاد ، وظیفته ومهمته الأساسیة هو بناء “العراق الموحد” و إخراجه من براثن الجوع والفقروالبطالة والجهل.

لقد حکم شخصه العراق فترة ثمانیة أعوام (٢٠٠٦-٢٠١٤). أما مدة حکمه فقد کانت ملیئة بالفساد المالي و الاداري وحتى العسکري، إستخدم هو خلالها شبکة مافیویة تنشر ثقافة الفساد في جسد المجتمع العراقي لتسیرأخیراً في شریانە سریان النار في الهشیم. إن سیاسة إستجواب وزراء کفوئین في الحکومة بتهمة الفساد من قبل مجلس الوزراء في بغداد مبرمجة ومدعومة من قبل تلك الشبکة العنکبوتیة للمالکي ، مآلها ضرب الکیانات التي تقف حجر عثرة أمام ستراتیجیتها بغیة تغلیب المصالح الفئویة الضیقة لحزب الدعوة وضمان بقاء سلطتها وإستمرارها. إن الغریب في أمر العراق هو إصدار المجلس الوطني قانون العفو الذي قرر العفو العام عن جمیع جرائم الفساد المالي والإداري في نفس الیوم ، الذي قام فیه المجلس بسحب الثقة من وزیر المالیة و إقالته برلمانیاً. إن إختیار وزیر المالیة المنتمي الی قیادة الحزب الدیمقراطي الکوردستاني الحامل لرایة إستقلال کوردستان لم یکن ولید الصدفة، فالهدف معلوم للعیان. إنه سعي غير ناجح من أجل إحداث شرخ في وحدة الصف الکوردي المتواضع و توجیه ضربة الی ذلك الحزب المناضل الذي وقف أمام تمدید الولایة الثالثة لنوري المالکي.

ولیعلم القاریء بأن أصحاب المحاکم التفتیشیة في العراق هم من قاموا بإفراغ الخزينة العراقية وهم من سلّموا ثلث العراق لداعش وهم من استوردوأ اجهزة كشف المتفجرات الفاشلة وهم من كانوا وراء عقود وصفقات محطات توليد الكهرباء الغیر منتجة للکهرباء. هؤلاء العصابات قاموا مدة ثمانیة أعوام بالاستحواذ على كل السلطات الثلاث وحتی على المال العام والإعلام، وكذلك على المجتمع، وهم من همشوا الأطراف الکوردستانية والسنيةوإحتقرا الدستور والقوانين والأعراف والتقاليد وأهتموا بالعناصر الانتهازية ووعاظ السلاطين والمدّاحين.

ما إستنتجناه من المالکي خلال حکمە هو رغبته القوية في التخلص من کل مناهض له و لحکمه. فهو الذي واجه الحرکات الشعبیة المطلبیة بالغضب والعنف و بدأ یشوه سمعة تلك الحركات و قام بالإساءة الیها و ملاحقة قیادییها.

أما تحرکاتە السیاسیة الأخيرة ومعه الحشد الشعبي المدعوم عدةً وعتاداً من إیران والفاعل بأمر من إيران أیضاً، لأن مرجعيتهم الدينية ليست بالعراق وليست بالحوزة الدينية بالنجف، ولي، بل بالحوز الدينية بمدينة قم بإيران، فهي تأتي بعد إعطاه الضوء الأخضر من قبل ولایة الفقیه في طهران. هذه التحرکات الجدیدة محاولات عقیمة لتبییض وجهه الأسود أمام الشعب العراقي بشکل عام والشعب الکوردي بشکل خاص، یهدف المالکي من خلالهاترشيح نفسه مجدداً لدورة جديدة لرئاسة وزراء العراق.

إن الإصلاح في جمهوریة الفساد يقتضي إعادة النظر في مسألة المصداقية المعرفية، بعيدة عن التعامل مع المعرفة بصورة أحادية نخبوية و هو يقتضي أيضا أن تشكل ثقافة مضادة للهدر، تفتح الإمكان لاستغلال الموارد بصورة مثمرة و فعالة، بالإضافة الی خلق الفرص لأفراد المجتمع للمشاركة في إغناء و تطوير صيغ العقلنة وقيم التواصل و قواعد الشراكة الحقيقية. فقولبة و تدجين و تعبئة و عسكرة المجتمع لا تعود بالنفع علی البلاد والعباد و لا يمكن أن يكون هاجس الحفاظ علی الولاية والسلطة أولی من الحقيقة والعدالة.

وختاماُ نقول: من کان قادراً علی إلقاء خطب مليئة بالتهديد والإتهامات الباطلة والشعارات القوموية المستهلكة و من کان مبدعاً في خلق العداء بين الكيانات الرئیسية في العراق و من شنّ في خطبه حرباً ضد حكومة وشعب كوردستان ومن لم یکن خلال ثمانیة أعوام من القیادة والسلطة المطلقة علی اجتراح الإمكانات لتأمين فرص العمل و أسواقه و شبكاته ، أو لتحسين شروط العيش لأوسع الفئات من الشعب العراقي ومن أتی في السابق بحججمموهة أو مغلوطة أو واهية ترمي الی التغطية والمساویء ، متهماً الغير لفشله السياسي و العسکري ، حاملاً المسؤولية عليه ، هارباً من استحقاقات الكيانات وإيجاد الحلول للمآزق والكوارث والحروب والويلات ، بإختراعأعداء ، سوف یهدف في المستقبل الی دفع عجلة تفاقم المشكلات واستعصاء الحلول نحو الأمام ، فهمّهُ هو إنتاج أناس مدرّبین علی إتقان لغة التصديق والتصفيق والتهليل ، كأرقام في حشد أعمی أو كأبواق ترجِّع صدیالخطب والكلمات، أو كدمی يتم تحريكها عند إعطائها كلمة السر. إنها الثمرة الوحیدة و ما ینتظر من عراق المالکي تحت ظل محاکم التفتیش.

الدکتور سامان سوراني

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...