رسالة من زوجة المناضل والمعتقل راج آل تمر ( نيروز موسى)..
الى زوجي وشريكي ، الى أملي ومستقبلي ، الى من أفتخر به .
اكتب لك وأعلم أن رسالتي لن تصلك فعلياً ، تماماً مثل الكثير من الأحلام والأمنيات التي تريد إيصالها ولكن دون جدوى .
ولأنني لا أستطيع رؤيتك فأنا معتقلة إيضاً ، فالذي لا يستطيع رؤية مستقبله وحلمه وشريكه فهو إيضاً سجين ومعتقل ،ولكن مثلما تشارك رفاقك في المعتقل أحلامك سأشارك رفاقك وشعبك مرة أخرى وأخبرهم عن أحلامك وأمنياتك .
نعم أنا بعيدة عنك ، ولكن هذا لا يعني أني لا أشعر بك ، فقبل أن نفترق قد صنعت بنفسك حبلاً من المشاعر والأحاسيس والمبادىء ، وغرزت مرساة هذا الحبل في قلبي وعقلي والتي لن تقطعها المسافات والظروف ، وعلى هذا الأمل سأكتب لك ، ولعلك تسمعني .
عزيزي راج آل : لو سألتني كيف أشعر بك فسأقول أن حبل الوصال يخبرني بأن جسدك يعاني مئات الكدمات أثر التعذيب ، وأعلم أن القيح نال منه ، وأن القمل المتعشعش في سريرك يتابع مسيرة التعذيب الى اللا نوم .
أعلم أن صرخات رفاقك تحت التعذيب تدميك ، وأن مشاهد الموت أمامك لا تنتهي .
أعلم أنك جائع ومريض وأنك فقدت نصف وزنك .
أعلم أنك تشتهي كأس شاي ، وأغنية .
كما أنني أعلم جيداً أن هناك آلاف الأسئلة التي التي تدور في رأسك ولا ترى لها جواباً وسأحاول أن استوفي جزءاً منها …
أبنتك الكبيرة راوان التي كنت تلقبها بالدكتورة لأنك كنت تحلم بأن تصبح طبيبة في المستقبل والتي كانت في الصف التاسع عندما تم أعتقالك هي الآن في طالبة في كلية الطب !
أبنك جودي الذي كنت تتمنى أن يصبح مهندساً في المستقبل والذي كان في الصف الثامن عندما تم أعتقالك هو الآن في البكلوريا العلمية ويحب المجال الألكتروني ويسعى وبهجد كبير لأن ينال حلمه كمهندس في هذا المجال تماماً مثلما كنت تريد !
أبنتك لافا الصغيرة التي كانت في الصف الثالث عندما تم أعتقالك قد دخلت الآن في الصف الثامن ، وقد أدخلناها الى المشفى لأنها لم تتحمل خبر أعتقالك وما زالت تقول ( متى يعود أبي ) وكل أحلامها مرتبطة بك وبعودتك .
أما أنا فلا أريد الحديث كثيراً ، كون أن هذه المساحة الأفتراضية لن تتحمل ولو بجزء صغير عن ما يدور في عقلي وما يكنه قلبي لك ، وما أنا فاعلة أمام من ضحى بنفسه لأجل الأنسانية والسلام .
ربما تتذكر في الكثير من الأحيان كنت أطلب منك بأن تنتبه لنفسك ولكنني حينها كنت أدرك إيضاً أن هناك هدف سامي وقيم وراء شجاعتك التي هزمت كل المخاوف .
تضحيتك ودمائك الثائرة لم تبدأ مع ثورة الكرامة بل هي متأصلة في جذورك ومتمثلة في نضال عائلتك وعلى رأسهم والدك المناضل رحمة الله عليه .
والدك الذي كرس كل حياته للنضال في صفوف حزب التقدمي ، وبالحديث عن حزب التقدمي الذي تنتمي إليه فقد طلبنا منهم محاولة أطلاق سراحك أو الحصول على معلومات عن مصيرك ولكن وللأسف فقط أبلغونا بأستشهادك في المعتقل .
نحن لم نصدق ذلك كونهم لم يجلبوا اية وثائق تثبت ذلك الى جانب أننا نؤمن تماماً أنك على قيد الحياة ولن نصدق هذا الأمر .
ايها البطل والشجاع ، يا من أفتخر به .
لقد أخبرتني بأن النضال لأجل حرية الشعوب يستوجب تضحيات أبطالها ورموزها ، وها أنت تفعل ما كنت تؤمن به وتزرعه ، وتأكد بأن هناك الكثير من الأحرار الذين يقدرونك ويتذكرونك ويخبرون شعبك عن سيرتك ونضالك وتضحيتك ، والتاريخ لا يقبل الا الأبطال .
وأنني واثقة جداً بأنك تفتخر بنفسك وأنك لم تندم لأنك ضحيت بنفسك من أجل هذا الشعب الذي يعيش الويلات بسبب الظلم الواقع عليه ، وعليه يجب دفع القرابين يا قرة عيني .
أقول لك أسمعك وأذكرك وأدعوا ربي في كل يوم أن يعيدك سالماً لنا .
أنتظرك وأني مؤمنة بعودتك ، وواثقة أنك ستقرأ هذه الرسالة وبنفسك عندما احضر لك الشاي ، والأغنية .
وسانتظرك.