في مثل هذا اليوم 17\1\2010 توقف القلب الشجاع والرقيق عن الخفقان. هذا القلب الذي حمل دماغاً مليئاً بالفكر والعقيدة وحب الإنسان, القلب الذي لم يرتجف يوماً من الخوف, كان مدافعاً لحق الإنسان وحريته معطوفاً على تحمله مسؤولية شعب يعاني من الظلم والإضطهاد المركب.. عمل ومنذ نعومة أظفاره إلى يوم الرحيل في الدفاع عن حقوق شعبه في صفوف وقيادة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.
كان له شرف في تنظيم وإدارة الأنشطة المناهضة للنظام في دمشق من خلال مشاركته في تنظيم اللقاءات الحوارية والعمل على وضع اللبنة الأولى لتشكيل أول إطار للمعارضة السورية مع النخب السياسية والثقافية والأكادميين في البلاد, وله دور واضح في تنظيم وإرساء قواعد لإعلان دمشق في أعوام 2000ـ2005 حتى الإعلان.
إنه المناضل والقيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والحقوقي المعروف على مستوى المعارضين الأوائل للنظام الأستاذ ( تمر مصطفى أبو سالار ).. كان رحيله خسارة كبرى للمعارضة السورية من الوطنيين والديمقراطيين, وكذلك لشعبه الكردي الذي يحتاج في محنته إلى هكذا مناضل للدفاع عن حقوقه القومية المشروعة, ومن ثم الحركة السياسية الكردية التي كان له دور فاعل فيها لتقريب وجهات النظر فيما بينها, حيث كان له دور فاعل في ترسيخ أسس وبناء التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا في بداية التسعينيات من القرن الماضي, وحزبه أيضاً ( الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ) الذي كان بأمس الحاجة لهذه الشخصية المناضلة والصادقة مع تطلعات شعبه, حيث كان الضبط الإيقاعي لحراك حزبه في إطاره الإستراتيجي على خطين متوازيين والمتلازمين في النضال الوطني والقومي, وكذلك الضابط المنضبط للتنظيمات الحزبية الذي كسب حب وإحترام كافة أعضاء حزبه وعلى كافة المستويات.. قاريء جيد للأحداث, ومحلل دقيق للمواقف والمتغيرات السياسية في المنطقة, وبالتالي, كان بناء مواقفه يستند على قراءاته وتحاليله الدقيقة المبنية على الدلائل والبيانات, قلما كان يخطيء, وعند أي خطأ أو خطأ في بناء رأيه كان جريئاً في إنتقاده الذاتي ويعترف بجرأة على أن خطأه كان لأسباب كذا وكذا… (طبعاً في دائرته التنظيمية للحزب). وكان له مكانة محسوبة له عند القيادات الحزبية, كل من ( جلال طالباني ومسعود البرزاني وعبدالله أوجلان ) اعتماداً على صدقه ومصداقيته في التعامل السياسي وسط الحركة الكردية والكردستانية.
كم نحن نحتاج إلى وجودك إلى جانبنا أيها الإنسان القدير في هذه الظروف العصيبة التي خلت من المناضلين الأشداء الصادقين مع النهج والمدرسة التي بنيت من قبل سادة من أمثال الدكتور نورالدين ظاظا. لقد خسرناك بحق, وأكثر مننا رفيقك الذي كنت تهتدي به دائماً ورئيس حزبك الأستاذ عبدالحميد درويش أطال الله بعمره الذي كنت سنداً قوياً له في كل المجالات, وكأنه اليوم يشعر بأنه يفتقد مثل ذلك السند ويشعر بالأسى على غيابك من جانبه.
لروحك السلام أيها المناضل العزيز على قلبي وقلوب رفاقك المؤمنين الصادقين الأوفياء..
مع كل الأسى نذكرك دائماً ونتحسر في يوم رحيلك من كل عام, ونؤكد دائماً على تلك الخسارة الموجعة التي عصفت بنا, ولا يمكن أن نمليء الفراغ الذي تركته بيننا, ومع كل ذلك أقول: فليكن روحك مطمئناً, لقد تركت بين صفوف حزبك خيرة المناضلين الذين لايمكن أن يحيدوا عن طريق النضال بصدق وأمان كما كنت, وبالتالي, فسينجزون ما كنت تحلم به من آمال وتعقد عليها خياراتك في العمل النضالي.. وسيبقون أوفياء مع الأستاذ القدير أطال الله بعمره (عبدالحميد درويش ) إلى آخر المشوار من نضالهم الذي لايمكن أن يتوقف عند أي مفترق.
لروحك السلام والطمأنينة أيها الرفيق العزيز.
من محبيك:
رفيقك أحمد قاسم.