مع اقتراب الذكرى السابعة والخمسين لميلاد الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا الذي تأسـس في 14/6/1957 من قبل مجموعة من المناضلين الذين أصبحوا رموزاً لشعبنا الكردي ليس في سوريا فحسب، بل في أجزاء كردستان الأخرى، لأنهم تجاوزوا في نضالهم الساحة السورية. وبات معروفاً أن تشكيل أول تنظيم سياسي كردي في سوريا كان في أواسط “1956”باسم حزب الأكراد الديمقراطيين السوريين وذلك من قبل المناضلين (أوصمان صبري – عبد الحميد درويش – حمزة نويران) وبعد انضمام مجموعة من الكوادر الكردية التي تركت صفوف الحزب الشيوعي السوري في “كرد داغ” وهم: (رشيد حمو- شوكت حنان- محمد علي خوجه- خليل محمد) واستجابة لرغبتهم تم تغيير اسم الحزب إلى” الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا” ، وكذلك اتفق على اعتبار تاريخ الاجتماع الرسمي الأول هذا والذي انعقد في مدينة حلب بمنزل المناضل محمد علي خوجه حارة “سوق الخميس” في 14/6/1957 تاريخاً لتأسيس أول حزب كردي في سوريا .
وفي نهاية “1957” انضم إليهم الشيخ محمد عيسى ملا محمود ( الذي كان في السعودية لأداء فريضة العمرة ), بقي الحزب بهذا الاسم حتى نهاية/ 1958/ حتى تم تغيره إلى “الحزب الديمقراطي الكردستاني- سوريا” واستمر ذلك حتى نهاية “1960” أي استمر قرابة السنتين , حيث تم العودة إلى الاسم القديم “الديمقراطي الكردي في سوريا”.
لقد كان تأسيس الحزب انجازاً كبيراً و حدثاً تاريخياً هاماً لشعبنا الكردي في سوريا الذي احتضن الحزب الوليد بكل ما أوتي من قوة وعزيمة في دعمه و حمايته والنضال في صفوفه، إلا أن الحزب تعرض للعديد من الانشقاقات ابتداءً من عام “1965” وهذه الظاهرة لاتزال مستمرة حتى وقتنا الحاضر لأسباب لا مجال لذكرها الآن.
لكن المؤسف حقاً أن جميع الأحزاب الحالية بأعدادها اللامتناهية لا تجرؤ مقاربة الحقيقة في وسائل إعلامها، عند حلول مناسبة التأسيس الغالية لدى كل وطني شريف مخلص لقضيته، وإعطاء هؤلاء المناضلين حقهم وذلك بذكر أسمائهم على أقل تقدير, فهل يعقل أن يتم الاكتفاء بذكر عبارة ” لقد تم تأسيس أول تنظيم سياسي كوردي في البلاد بفضل ثـلـة من المناضلين ” . دون ذكر الأسماء والخوض مباشرة لتعداد انجازات الحزب العتيد خلال كل السنين الماضية رغم أن سنين وجوده لا تتجاوز في اغلب الأحيان أصابع اليد الواحدة .
والنقطة الثانية التي تدور حولها نقاش بيزنطي منذ سبعينات القرن المنصرم ” من هو الوريث الشرعي لذلك الحزب ” أو “من هو ذلك الحزب” والغريب أن الجميع يدعون أنهم أصحاب الحق في ذلك, والمضحك المبكي انه حتى الأحزاب المتشابهة بالاسم والتي انشقت عن بعضها وتحمل نفس الاسم تدعى كل منها أنها الوريث الشرعي للحزب الأول ؟!!!!!
فهل يعقل أن جميع الأحزاب تأسست في يوم واحد أم أن لذلك غايات ومآرب أخرى، رغم كل ذلك فالتاريخ والواقع يقول غير ذلك، فما زال البعض من هؤلاء الرموز أحياء يرزقون ” لهم كل الصحة والعمر المديد” حتى الراحلين منهم مذكراتهم خير شواهد تدحض أقاويلهم و تأويلاتهم, و ليعلم الجميع أن تاريخ أي حزب لا يقاس بعمره وتاريخ تأسيسه بل يقاس بنضاله وانجازاته وصوابية مواقفه وقاعدته الشعبية والحزبية التي تناضل معه.
فكم من الأحزاب التي تجاوز تأسيسها العقود ولاتزال عملياً في بداية مشوارها فلا تسطيع القيام بأبسط واجباتها حتى الاحتفال بتاريخ تأسيسها الذي تدعيه . وكم من الأحزاب الحديثة العهد, استملكت الشارع والساحة السياسية برمتها رغم عمرها النضالي القصير.
ولتكن تجربة احزاب كردستان العراق خير دليل لنا في ذلك فأغلب كوادر الاحزاب الحالية كانت تناضل ضمن صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تأسس في 16/8/1946، فأغلب قيادات الاتحاد الوطني ( ابراهيم احمد – مام جلال الطالباني …..) ولكن حين تأسس الاتحاد الوطني الكردستاني في 1/6/1975 اتخذ العام نفسه تاريخاً لتأسيسه , وكذلك كان حال حركة التغيير (كوران) التي خرجت من ضمن صفوف الاتحاد الوطني واعتبر عام 2009 ايضاً تاريخاً لتأسيسه ورغم حداثة تأسيسه إلا أنه أصبح من الأحزاب المنافسة للحزبين الكبيرين ( الديمقراطي – الاتحاد )، وكذلك كان وضع بقية الأحزاب الصغيرة في كردستان العراق. فالاقتداء و الاستفادة من تجربتهم الرائدة ضرورية و مهمة للغاية حماية وصوناً للحقوق و الواجبات
لذا اتمنى ان تكون هذه المناسبة محطة مفصلية في تاريخ الحركة الكردية في سوريا, بأن يحدد كل حزب تاريخ تأسـيـسـه، وأن يتبادلوا التهاني، ومناقشة سبل الوحدة بدلا من أن يتمسك كل منهم بأحقيته و اتهام الآخر بالانشقاق، رغم أن الامور واضحة، فالتوثيق الدقيق للحدث تاريخياً امر مهم للغاية.
وفي الختام كل المحبة والتقدير لهؤلاء الاوفياء والرحمة والمغفرة لمن غادرنا وترك لنا ارثاً نضالياً كبيراً لنا وللأجيال القادمة، والعمر المديد والصحة الدائمة للذين لازالوا يواصلون النضال بعزيمة الشباب، وخبرة العقود بكل عزة وكبرياء وشموخ كشموخ جبال كوردستان.
انحي لكل هؤلاء اجلالاً واكباراً