د. أحمد بركات: انقلاب تركيا الفاشل وتداعياته

Share Button

أصاب العالم الذهول بعد سماع أنباء تواترت من تركيا يوم 15 – 7 -2016 بحدوث انقلاب عسكري للإطاحة بالرئيس أردوغان
وحزب العدالة والتنمية، وجاء هذا الانقلاب بعد فترة هدوء شهدتها تركيا الدولة التي تعودت على هكذا انقلابات منذ ستينيات القرن الماضي، وكان آخرها الانقلاب الذي قاده الجنرال كنعان ايفرن عام 1980 .

وفيما بعد استلم المدنيون السلطة عن طريق صناديق الاقتراع، حتى وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة الذي استطاع أن يشكل الحكومة بمفرده على عكس الحكومات الائتلافية التي سبقته.

إن قراءة سريعة في مجريات هذا الانقلاب العسكري المفاجئ، والأسباب التي أدت إلى قيام مجموعة من الضباط به، يقودنا إلى نتيجة مفادها أنه ولأول مرة ينقسم الجيش في تركيا إلى فريقين فريق مؤيد وآخر معارض. مع العلم أن المؤسسة العسكرية التركية تعتبر نفسها مؤسس دولة تركيا الحديثة وحامية النظام العلماني في البلاد. الذي اعتبر العسكر خطاً أحمراً لا يجوز الاقتراب منه أو المساس به. إلا أن ابتعاد العسكر عن السياسة الداخلية والخارجية في السنوات الأخيرة، أخل بهذه المعادلة، وخاصة بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي على كافة مفاصل الحكم في البلاد. وتفرده في إدارة شؤون البلاد بعيدا عن هيمنة المؤسسة العسكرية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التحولات السياسية الأخيرة في السياسة التركية، بعد الاعتذار التركي الرسمي على لسان الرئيس اردوغان لروسيا بسبب إسقاطها للطائرة العسكرية الروسية ومقتل طاقمها، وكذلك المصالحة مع اسرائيل، والتغيير الحاصل في السياسة الخارجية التركية حيال الأزمة السورية، بعد خمس سنوات ونيف من إصرارها على إسقاط النظام، واحتضانها لقوى المعارضة السورية.

إضافة إلى ما تعده تركيا من التمدد الكردي على حدودها الجنوبية الذي تعتبره أنقرة خطا أحمرا. وتهديدا مباشرا لأمنها القومي،  هذه العوامل مجتمعة كانت وراء الانقلاب الأخير، من هنا السؤال الذي يطرح نفسه من المستفيد من هكذا تحول دراماتيكي في المشهد السياسي التركي، هل القوى الدولية الكبرى وبعض دول الإقليم لها مصلحة في زعزعة الاستقرار النسبي وفي الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده تركيا. علما بأنها عضو نشط في حلف شمال الأطلسي ” الناتو ” وهي ثاني اكبر قوة برية بعد الولايات المتحدة الامريكية ، فهل لدول الناتو مصلحة في انقسام الجيش التركي، وإضعاف الجناح الجنوبي للحلف، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والحرب المعلنة على التنظيمات الإرهابية من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، أم انه نتيجة لصراع مراكز النفوذ داخل الدولة العميقة، أو يتعلق بالتعديلات الدستورية التي يطرحها أردوغان بتحويل النظام من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، واحتكار كافة السلطات بيده.

ولا ينسى في هذا السياق التنازلات التي قدمها أردوغان لروسيا فيما يتعلق بالملف السوري مقابل وقف الدعم الروسي للكرد في سوريا. وعلى الرغم من اهتزاز صورة أردوغان شعبيا ورسميا داخل تركيا وخارجها، إلا أن المؤكد أنه استثمر هذا الانقلاب لصالحه للتخلص من خصومه الداخليين من السياسيين والعسكريين، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وفقا لتوجهاته السياسية، وما حملة الاعتقالات الأخيرة في صفوف الجيش الذي طال العديد من الجنرالات وكبار موظفي الدولة وأساتذة الجامعات، وحظر نشاط العديد من المؤسسات الإعلامية، من خلال إعلان حالة الطوارئ في البلاد كلها مؤشرات على أن أردوغان هو المستفيد الأول والأخير من هذا الانقلاب.

يبقى السؤال هل ستشهد تركيا في قادم الأيام استقرار سياسيا وأمنيا، ونموا اقتصاديا، وهل أن هذه التغييرات الكبيرة في سياسات تركيا الداخلية  والخارجية ستضعها على المسار الصحيح وذلك من خلال تطبيع علاقاتها، وحل مشاكلها الداخلية والخارجية ومنها القضية الكردية التي لم تعد تحتمل التأجيل.

أسئلة برسم الإجابة لكننا نعتقد بأن الأيام القادمة ستكشف النقاب عن الكثير من الأشياء التي كانت طي الكتمان في السنوات

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...