دويل مكمانوس: لهذا غير أوباما رأيه حيال سوريا

Share Button

كان خطاب السياسة الخارجية الذي ألقاه الرئيس أوباما  في ويست بوينت الأسبوع الماضي بشكل كبير منه عبارة عن قائمة بجميع الأعمال التي لا يريد الرئيس القيام بها. فهو لا يريد الانسحابلوس-أنجلوس-تايمز من العالم. وفي نفس الوقت, لا يريد استخدام القوة العسكرية لحل جميع المشاكل. والأهم من كل ذلك, أنه لا يريد التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر.
ولكن هناك استثناء لعقيدة أوباما المتعلقة بضبط النفس. أوباما جاهز وهو على أتم الاستعداد لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية – بصورة غير مباشرة إن أمكن, ومباشرة إذا دعت الحاجة- ضد الإرهابيين الذين يشكلون تهديدا للولايات المتحدة.
ولهذا ومع أنه سحب قواته من العراق وأفغانستان, إلا أن الرئيس أرسل مستشارين عسكريين إلى أفريقيا. ولهذا السبب, وافق دون أن يلاحظ أحد تقريبا, على التصعيد التدريجي و الملحوظ لتحرك الولايات المتحدة على ساحة المعركة الأكثر تعقيدا وخطورة في سوريا.
قبل عامين فقط, عندما طرحت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ومساعدين آخرين زيادة الجهود الأمريكية لتسليح وتدريب المتمردين المعتدلين الذين يقاتلون حكومة بشار الأسد, رفض أوباما الفكرة تماما متذرعا بأن المتمردين غير قادرين وغير منظمين بصورة جيدة. كما حذر أيضا بأن  الالتزام مع قتالهم يمكن أن يضع الولايات المتحدة على منحدر زلق من التدخل العسكري.
ولكن أوباما يقوم بخطوات كان رفضها سابقا. يقول مساعدوه إن الرئيس وافق على زيادة إمدادات الأسلحة العادية التي بدأتها الولايات المتحدة العام الماضي. وربما الأمر الأكثر أهمية أنه يريد إرسال قوات أمريكية إلى الأردن أو إلى دول أخرى قريبة من سوريا لتدريب وحدات المتمردين, على فرض موافقة الكونغرس والدول الأخرى على ذلك.
ما الذي تغير؟ ليس هناك أي فرصة للمتمردين المعتدلين لتحقيق النصر في قتالهم ضد كل من الأسد والقاعدة. بعد سلسلة من النكسات, هؤلاء المتمردون في وضع أسوأ على الأرض أكثر مما كان عليه الأمر قبل عامين.
بدلا من ذلك, هناك نمو خطير وتمدد للجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا – بعضها على صلة بالقاعدة- وهو الأمر الذي يقود قرارات أوباما حاليا.
الأسبوع الماضي, أصبح رجل من فلوريدا أول مواطن أمريكي يقتل في تفجير انتحاري في الحرب السورية. مقتله يشكل تأكيدا على التوجه الحالي والذي يشير إلى أن ما يقرب من 70 أمريكي, وعدد مماثل تقريبا من الكنديين ومئات من الأوروبيين انضموا إلى الجماعات الجهادية في سوريا, وبعد تلقيهم التدريب وخضوعهم للاختبار فإن بعضهم ربما يعود لممارسة الإرهاب في بلادهم.
يقول مسئول أمريكي رفيع المستوى :” ما ركز أذهاننا على الموضوع هو التهديد القادم من المقاتلين الجهاديين. الذين عندما يعودون إلى الأوطان فإننا نتحدث عن مصالح أمن قومي حقيقية”.
وهذا الأمر وضع سوريا – التي كانت مأساة إنسانية وأزمة لاجئين ولكنها أصبحت تشكل تهديدا مباشرا على الولايات المتحدة- على قائمة أوباما القصيرة من المصالح الرئيسة التي تبرر استخدام القوة العسكرية.
ولكن ذلك لا يعني أنه يخطط لتوجيه ضربات عسكرية مباشرة ضد المجموعات الإرهابية في سوريا – على الأقل ليس الآن. ولكن هذا الخيار يبدو حاليا “مشروع من الناحية القانونية” كما قال المسئول الأمريكي.
في الوقت الحالي, ينصب تركيز الولايات المتحدة على ترجيح الميزان, إذا كان ذلك ممكنا, في الحرب الأهلية وتقديم بديل للقاعدة للشباب السوريين الذين يريدون القتال؛ والأمر الأكثر أهمية, توفير مساعدين على الأرض لأجهزة المخابرات الأمريكية التي تسعى لملاحقة الإرهابيين المحتملين. ولكن ليس هناك على قائمة الأهداف تحقيق المتمردين لأي نصر عسكري. وهذه طريقة صعبة وبعيدة المنال كما قال المسئول الأمريكي.
في مقابلة مع إن بي آر الأسبوع الماضي, تحمل أوباما الكثير من الألم لإبقاء التوقعات منخفضة. حيث قال :” سوف يكون هناك حدود للسرعة التي يمكن أن نزيد فيها من قدرة المعارضة. الأمر الذي لا نريده هو تقديم الوعود التي لا يمكننا الوفاء بها”. وربما يكون في وسع الولايات المتحدة تغيير التوزان لصالح التوصل إلى حل سياسي, كما أضاف.
هل هناك أي رئيس شن مهمة عسكرية دون وجود أهداف محددة بعناية؟
ما يقوم به أوباما, بالطبع, هو محاولة البقاء بعيدا عن المنحدر الزلق باتجاه التدخل العسكري الكامل نيابة عن المتمردين. يخشى المسئولون أنه عاجلا أو آجلا فإن جهة ما سوف تطلب من الولايات المتحدة  القيام بذلك.
هذا النوع من الالتزام المحدود الذي يقدمه أوباما للمعتدلين السوريين يأخذ الولايات المتحدة نحو مستنقعات أخلاقية. ما أن ندرب ونسلح المتمردين التابعين لنا, هل يتطلب ذلك منا أن ندافع عنهم ضد السفاح إذا خسروا؟
لقد واجهت الولايات المتحدة مثل هذا الوضع من قبل. الرؤساء السابقين أرسلوا مساعدات لأحد الأطراف في الحرب, ليندموا على ذلك فيما بعد, إذا لم يربح حلفاؤنا. سقوط سايغون عام 1975 كان هزيمة ساحقة لأمريكا, ولكنه لم يكن بتلك الأهمية حتى بعد عقد على ذلك. انهيار جوناس سافيمبي في أنغولا, الذي كان مفضلا لدى رونالد ريغان, أصبح أمرا طي النسيان الآن.
مع مساعدات الولايات المتحدة للتمرد, فإن الحرب الأهلية السورية مرشحة للاستمرار لسنوات قادمة مع ما يرافق ذلك من تقسيم البلاد إلى إقطاعيات طائفية. ولكن ذلك يمكن أن يحدث دون مساعدة الولايات المتحدة.
كان على أوباما أن يستجيب لهيلاري كلينتون (وليون بانيتا ودافيد بيتراوس) وأن يوافق على تقديم المساعدات العسكرية للمتمردين قبل عامين, وذلك قبل أن تزداد أعداد الجهاديين إلى هذا الحد. ولكن أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا.
من الممكن, وإن بدا أمرا متناقضا, أن تنقذ القاعدة – من خلال الاعتماد على الولايات المتحدة في القتال- المعارضة السورية الديمقراطية من أن تسقط سقوطا تاما.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...