دونا ماكاي: بينما تحترق سوريا

Share Button

تنتابني مشاعر مختلطة حول “الأخبار الجيدة” الأخيرة حول المساعدات الإنسانية في سوريا. فقد مرر مجلس الأمن قرارا طال انتظاره – إذا نفذ- سوف ينقذ حياة السوريين المحاصرين في تنزيلظروف بائسة بسبب الحرب. “إذا” الشرطية هنا مسألة كبيرة, وذلك بالنظر إلى القرارات الأخيرة التي كانت تهدف إلى تقديم المساعدات الأساسية والتي قوضتها حكومة بشار الأسد بطريقة حاذقة. يمثل القرار الحد الأدنى لما يمكن لمجلس الأمن أن يقوم به بعد سنوات من العجز والتقاعس وأكثر من 150000 قتيل.
حوالي ربع مليون مدني لا يمكن لهم الحصول على الغذاء والماء والدواء بشكل منتظم بسبب تكتيك الحصار الذي تتبعه الحكومة, وهناك حوالي 40000 شخص محاصرون من قبل قوات المعارضة. وهذا يشكل انتهاكا صارخا لقوانين الحرب, التي تحظر صراحة الهجوم على المدنيين, بما في ذلك تدمير أو إعاقة الوصول إلى الحاجات الضرروية للبقاء. ولكن بالنسبة لسوريا, يبدو أنه حتى الحد الأدنى من المعايير العامة غير مطبق. وثق أطباء يعملون لصالح هيومان رايتس ووتش استهداف وقتل الأطباء والممرضين وتدمير المستشفيات في سوريا, وهي الأمور التي لا تعتبر جرائم حرب فقط, ولكنها إذا أخذت جميعا بعين الاعتبار فإنها تؤسس لجرائم ضد الإنسانية. التقرير الأخير يشير إلى أنه لم يبق في مدينة حلب المحاصرة سوى 20 طبيبا, وهي المدينة التي كان فيها ما يقرب من 6000 طبيب. في حين أن القوات الحكومية مسئولة عن هذه الجرائم, فإن معاناة السوريين تفاقمت من الفشل في التحرك على المستوى الدولي إلى الكيانات المحلية التي كان من المفترض أنها تحميمهم.
لنبدأ من مجلس الأمن الدولي المكلف بحفظ السلام والأمن العالميين. في الوقت الذي تحترق فيه سوريا, لا زال المجلس عالقا في حالة من الجمود بسبب دعم كل من روسيا والصين لسوريا من خلال استخدام الفيتو في مواجهة أي قرار يتحدى تصرفات الحكومة غير القانونية. وتتضمن الأمور غير القانونية استهداف المدنيين والتعذيب والغياب القسري واستخدام الأسلحة بشكل عشوائي في المناطق المكتظة بالسكان واستخدام حرب الحصار ضد المدنيين وتدمير نظام العناية الصحية في البلاد.
تدعي الحكومة السورية أن السيادة الوطنية تشكل حماية لها من تحمل مسئولية أفعالها, وهي حجة واهية. لقد وقف المجلس جانبا بينما يقوم جهاز الشرطة التابع للحكومة باعتقال وتعذيب وإخفاء من يعتبره معارضا للحكومة وفي الوقت نفسه تقوم قوات الأمن و الميليشيات التابعة للأسد بقتل المدنيين وتقوم الحكومة دون أدنى رحمة وبطريقة منهجية بتدمير البنية التحتية للرعاية الصحية وتستهدف العاملين في المجال الصحي, وفي هذه الأثناء يموت الناس جوعا ببطئ في المدن المحاصرة.
فقط بعد استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية كان هناك تحرك إيجابي من قبل المجلس. أولا, تمت الموافقة على قرار يمنع المزيد من الهجمات الكيماوية في سبتمبر, على الرغم من أن الحكومة السورية تحايلت على القرار من خلال استخدام غاز الكلور ضد المدنيين. من ثم, تم اعتماد قرار – وهو قرار من المفترض أنه لم يكن ضروريا-  يهدف إلى ضمان وصول أساسيات الحياة للمدنيين في فبراير. ولكن حتى هذا القرار تم تنفيذه بإذعان كامل لحكومة الأسد. الأمم المتحدة والوكالات ذات الصلة وافقت على مرور مساعدات طارئة من خلال دمشق, وإعطاء الحكومة السورية سيطرة فعالة على توزيعها. من غير المستغرب, أن المساعدات التي وصلت إلى سوريا لم ترسل لمساعدة أولئك الذين هم في أمس الحاجة لها. تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10 ملايين سوري, نصفهم يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون, هم في حاجة ماسة للمساعدة.
في مواجهة أعداد كبيرة من القتلى ومعاناة لا يمكن وصفها, أصدر أخيرا مجلس الأمن قرارا هذا الأسبوع يضمن أن المساعدات الأساسية لن تخضع لسيطرة دمشق, ولكنها سوف توزع باكثر الطرق فعالية, من بينها المرور من خلال نقاط تفتيش تابعة لقوات المعارضة.
بعد أكثر من ثلاث سنوات من المظاهرات السلمية التي قوبلت بالقوة المميتة من قبل قوات الأمن وتطور الوضع إلى حرب أهلية, فإن معاناة السوريين على امتداد الطيف السياسي طالت كثيرا بسبب غياب الأمن والسلام وساد الإفلات من العقاب وفشل نظام الحكم الدولي وقيادته.
آمل ان القرار الأخير سوف يعني أن الغذاء سوف يصل في نهاية المطاف إلى الأناس الذين يموتون من الجوع في سوريا. ولكن من الصعب الاحتفال بقرار لم يكن ضروريا ووصل بعد فوات الأوان بالنسبة للكثيرين.

Share Button

عن PDPKS

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد الجديد 648 من الديمقراطي

صدر العدد الجديد 648 من جريدة الديمقراطي التي يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ...