إن كوردستان المتجذرة في التاريخ و العميقة في الأزل . إنما تنهل من تاريخ كبير بعظمته و كبير بخصوصيته . فهي مهد الحضارات . أرضها الخصبة المعطاءة و موقعها المتميز جعلها هدفاً و مطمعاً لكل الغزوات على مر التاريخ و لأن شعبها عظيم رفض الظلم و الطغيان و الاستبداد فكانت الثورات و التضحيات . و كان الاستشهاد رمزاً من رموز تاريخها تجلى ذلك بأبهى صوره . فالشهادة عطر في ذاكرة الأمة الكوردية و قبس من ضياء ينير طريق المستقبل . و الشهداء تساموا إلى مرتبة الصفاء الروحي و إنكار الذات لأنهم أدركوا أن التضحية بالأنفس و الأرواح هي الطريق إلى حرية الأوطان . يروون بدمائهم الزكية تراب الوطن . فتتعطر سماؤه بعبق الحرية و أنسام المجد و معاني الفداء و تزهر الحياة حباً . و تفوح عطراً فتشرق الصباحات معطرة بأريج التضحيات . يسطرون سفر الخلود حروفاً من نور . تصور بطولات الرجال الذين اختاروا الشهادة عنواناً للنصر و التحرير . فكرسوا بدمائهم معان راسخة للتضحية و الفداء . و كتبوا على جبين المجد تاريخ وطن يعشق أبناؤه الشهادة .
لقد اختار الشهداء الخلود في وجدان الأمة فرسموا بدمائهم دروب العزة و الكبرياء . متسلحين بالشجاعة و الإيمان و حب الوطن . و قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل أن تبقى راية الوطن مكللةَ بالمجد و الفخار خفاقةً في سماء كوردستان الحبيب . لأن مسيرة الشعوب هي إنجازات متلاحقة و تاريخ كوردستان يكتبه أبطالها الشرفاء بدمائهم . فإن صفحة تاريخ جديدة تكتب اليوم بدم الشهداء .
فكوردستان ومن خلال تصفح تاريخها من مختلف المناحي نرى بأنها كانت بمثابة انعتاق وتحول أثبتت للعالم كيف يكون النضال والتحدي وماهو المعنى الحقيقي للشعب عندما به و له تحقق الحياة الكريمة و تجعل منه رمزاَ للشعوب الاخرى التواقة الى الحرية و الخلاص فالعزيمة الكوردية فوق كل المراهنات واللافت أن الشعب الكوردي يؤمن بأن قضيته هي فوق كل الاولويات لذا لايبخل بتقديم كل ماهو غال و ثمين و كل ما من شأنه أن يسمو بهذه القضية .