حميد خلف: الادب الكــردي الملتزم :

الالتزام هو مشاركة الشاعر أو الأديب الناس همومهم الاجتماعية و السياسية و مواقفهم الوطنية . و الوقوف بحزم لمواجهة ما يتطلّبه ذلك . إلى حدّ إنكار الذات في سبيل ما التزم به الشاعر أو الأديب. و يقتضي صراحة و وضوحا و إخلاصا و صدقا و استعدادا من المفكّر لأن يحافظ على التزامه و يتحمل مسؤلياته… إن الأدب أبرز ضروب الفن عند الكرد و إذا أردت أن تتعرف على الشعب الكردي و تعرف عاداتهم و تقاليدهم و تعرف أخلاقهم و قّيمهم و مبادئهم و أفكارهم فعليك ان تعود إلى أدبهم و تراثهم الفكري و الحضاري… ان واقع التقسيم لكردستان و الاوضاع المزرية التي مرت بها كوردستان و ما آلت إليه من تشرذم و من تآمرالأعداء و تكالبهم عليها … هذ الظروف و غيرها ايضاً ادت الى بروز كوكبة من الشعراء الملتزمين بالقضايا الروح القومية و الوطنية و الانسانية و الدفاع عن حقوق الشعب الكردي من خلال ادبهم في مطلع القرن العشرين…

لقد كان الشاعر الكردي الكبير جكرخوين من ابرز شعراء الكورد الملتزمين بقضايا امته و يعد احد اعمدة الادب الملتزم ذات المنحى العلماني في الادب الكردي و يليه الشاعران الكرديان تيريز و شيركو بيكس الذين دعّوا من خلال ادبهم إلى تجنيد الجهود للعمل على بث روح القومية و الوطنية لدى الشعب الكردي و تحريضهم على رفض هذا الواقع و رفع مستواها السياسي و الاجتماعي و الفكري ضد الانظمة التي تغتصب كردستان… كان ادبهم بمثابة البراكين الثائرة التي تقذف سيولا من الحمم يلتهم الطغاة. كما شكلت صرخة أذكت روح الشعب و بثت فيه الحيوية و الرغبة في الخروج من عنق الزجاجة السوداء و التخلص من أغلال الطغيان.

فهم كانوا يمثلون لسان حال الشعب في تلك الفترة… فالكلمة أمىضى من الطلقة و أحدّ من السيف لاسيما إن و ضعت في موضعها و وظّفت التوظيف السديد و الشعر أبلغ الكلام و أشده تأثيرا على مجامع القلوب و الأفهام . و كانت لملاحمهم الشعرية الحماسية دور إيقاظي و تحريضي و معنوي على الشعب الكردي . و كان دور هم في إسقاط القناع عن الانظمة التي تغتصب كردستان و إظهار زيفهم الكبير جداً… و لا يمكننا ان نغض الطرف عن ذاك النتاج الشعري الذي بنى الثقافة الكوردية و اثراها من حيث صدق التعبير و القدرة الشعرية و الحالة الوجدانية التي أثرت و تاثرت بالبيئة الخاصة و اغترفت من ينابيع البيئة . مما اهلها لتكون في طليعة الشعر الذي خدم القضية في مختلف النواحي الحياتية . لأمة عانت الألم فأبدعت في نضالها و في كتاباتها و أدبها من خلال شخصيات تركت بصمتها شاهدا على تاريخ لا زال يمجد الوطن فكراً و معاصرةً للأمم .