حمــــيد خلــــف: قضـية المـرأة عند جكرخـوين .

بالرغم من ان جكرخوين كان شاعر الهم الوطني و القومي بامتياز… فان المراة كانت لها مكانةً خاصة لديه . لقد اهتم جكرخوين بالمرأة اهتماماً خاصاً . و اجتهد كثيرا في نحت صورتها موظفاً في ذلك طاقته اللغوية و ابداعه الشعري محاولاً السمو بها الى مراتب الملائكة من حيث البراءة . و الجمال و الطهر . فالمرأة من اهم اغراض شعره فتغنى بجمال الروح الذي يعطي فعلاً للجسد معناه الحقيقي . و للجمال منطقه السليم . و بذلك تغّدو المرأة . و كأنها رمز للكمال القديم و المستحدث فيها سطعت آيات الطبيعة . و هذا ما اراده جكرخوين في اشعاره عن المرأة لذلك فان عالمها الذي يضجّ بالمشاعر الانسانية الطيبة الرائعة لا يسلّم مفاتيح القلب الا لمن تربّع على عرش روحها و بوّأها العرش الذي تستحقه و تحلم به كل امرأة عرش الجمال و الالهام الشعري و هي الشريكة المعطاءة في دروب الحياة . صانعة الحب الاسري الجميل الدافئ الذي يضفي على اركان البيت السرور و البهجة… و لا شك ان المرأة مرت بادوار عدة في حياة جكرخوين ففي شبابه كانت الصبوة و الهوى ثم رفيقة العمر ثم الملهمة التي توحي اليه القصائد و الاشعار . و من هنا . فإن المرأة بالنسبة لجكرخوين مهدئ معنوي للاحزان . انها تخدّر اعصاب الشاعر فتصرفه عن الناحية السلبية الشقية و تهديه الى الناحية الايجابية السعيدة . فالمرأة الآن رسول الهي انحدر من مناطق علوية مفعمة بفرح غريب و نقاء لا متناهٍ، و رسالتها أن تحل في الارواح اللطيفة لتسكب فيها اكسير الحب و الجمال و السعادة . حيث اعتبرها نهر الالهام المتدفق و الكوثر الذي لايمكن ان يجف . استطاع شاعرنا جكرخوين ان ينأى بالمرأة عن الجسد و يسمو بها الى المكانة التي تليق بها و هو نزوع انساني و روحي ساهم به تكوينه الثقافي و ذوقه الفني بعيدا عن الماديات… و اذا كان هناك شعراء كثيرون قد نظروا الى المرأة على انها سلعة . و جسد للذّة . فان جكرخوين قد مهّد لعصر بل اسس ذلك العصر . التي تتبوأ فيه المرأة مكانتها السامية بها بحيث يتعود الرجل على عشق روحها و عطائها و كيانها الرائع بعيداً عن ملذّات الجسد … ان موقف شاعرنا جكرخوين من قضية المرأة يعد موقفاً متقدماً في هذا الميدان كشاعر . حيث يدرك مقدار تقدم الأمم و رقيّها و التزامها بالقيم الأخلاقية بمدى احترامها للمرأة… و تعتبر قضية المساواة بين الرجل و المرأة، قضية محورية في فكر جكرخوين و يؤكد على المساواة الكاملة بين الذكور و الإناث في الصفات و الفضائل فهذه فضائل إنسانية توجد في الرجال و النساء . كما ان مسالة تعليم المرأة يحتل مكانة محورية في فكر و فلسفة جكرخزين التنويري و التحديثي. باعتباره أساسا من أسس تقدم و النهوض بالمجتمع الكوردي… استطاع جكرخوين بابداعه و براعته ان يبتعد بالمرأة عن الغوايات و عن الافتتان بالجسد لانه ارادها ان تكون الدفء و الحنان و رفيقة الدرب النضالي و يشدّها الى ساحات الكفاح و النضال الى جانب الرجل في معارك التحرر ضد الظلم و الاستبداد و الطغيان . حاول جكرخوين ربط قضية تحرير المرأة بقضية تحرير الوطن ضد القهر السياسى والاقتصادى والاجتماعى باعتبارهما قضايا مترابطة … و من هنا …فان شعره في المرأة لم ينفصل ابداً طوال مراحل ابداعه الشعري و عن نضاله من اجل الوطن و الحرية و المرأة . فهي جناحه المحلق في اغترابه و بعده عن كردستان …المرأة هي رفيقة نضاله و كفاحه في المواجهة و صراع المستبدين الطغاة…