رجفة صدر مذبوح
بقلم: حســين يـونــس عـبــدو
استفسار تمهيدي :
– من أين جاء عدم اكتراثك ولامبالاتك بالحياة, أضربٌ من السأم استقر في روحك؟
– من اختزالي الوجود إلى مستوى يقين رياضي ممتد في متتالية وعبارة منطقية: هذا هو الحال: مستقبل غير معلوم, منفتح على التكوّن – السقوط – الحر.
حينما ينتفض المكبوت فإنه ينتفض ممسوخاً :
يكاد يكون الكلام عن أي أزمة – تحليلاً – أقرب إلى تفسيرات يزاحم واحدها الآخر, في محاولة تقليب المشكلة بطناً لظهر بغية فهمها, والتنقيب عن الدلالات المطمورة والشروع في تتبع التغير المعقد للمعنى الذي تتخذه المحنة.
ولكي لا ننخدع بهويتها – أقصد الأزمة – رغم اشتقاقاتها, فإنها تحتفظ بالسمة المميزة لطبيعتها في اكتمال تشكلها, ألا وهي الفوضى.
لا شك أن الفوضى هي صاحبة القول الفصل في أي أزمة, هذه الفوضى لا تسأل أحداً الحق في جودها, بالتالي لا يوجد ما يدعو للاستغراب, لأنها ببساطة ليست عامل تفسير بقدر ما تفعل فعلها في البنيوي واقعيّاً, كما تجد تعبيراتها المطابقة بهذا الشكل أو ذاك “فساد, لصوصية, خداع, احتكار, …إلخ”.
لكن هل الحال والفوضى هذه هي “استمرارية متجانسة” و”حاضر تاريخي” بالمفهوم الهيغيلي للباراديمين ؟
أم أنها نتيجة لتحولات تاريخية نوعية, لا تحاكي علاقات اجتصادية “اجتماعية – اقتصادية” كانت قائمة من قبل ؟
لا يصعب علينا أن نتبين, أو أن نميز – معرفيّاً – بين ما هو تاريخي جوهري عما هو تاريخي عارض, أو عارض تاريخي, إذ نعلم جيداً أن أي حدث لا يشكل بذاته موضوعاً لمعرفة تاريخية إلا في حال إدراجه في ضرورته وسياقه التاريخيين, إذ لا يمكن تجريد أي ظاهرة عن سياقها التاريخي ” الاجتصادي والنفسي”, وأي محاولة للبحث والدراسة بمعزل عن تلك الشروط, هي ضرب من العبث.
إذن صور من السلوك والأفعال, صادمة ومباغتة, وأيضاٌ ألوان من المشاعر والعواطف, جميعها ليست عللاً وأسباباً بقدر ما هي حتميات ونتائج منطقية لمقدمات وشروط, ظواهر ناتجة عن العوامل الاجتصادية, وكذلك عن ميكانزمات الدفاع النفسية, إذ لا غرو ما لمعطيات السوسيو – اقتصادية, والسوسيو – نفسية من تأثير ودور في خلق الظواهر الشاذة والمتطرفة.
لذا بمُكنتنا القول : إن أي تطرف وغلو هو بالضرورة أزمة فكر قبل أن تكون أزمة واقع.
سياسة وحيازة الشمول الكلي :
المبدأ من الزاوية المعيارية هو قاعدة الفعل أو مقياسه, والقاعدة – عامة – هي أصل ما يبنى عليه, فالسياسة بوصفها أكثر الأخيلة كلية, ذاك التصور الذي يهتم بما ينبغي أن يكون عليه المجتمع من حيث إعطائه جوهراً عقلياً, لهذا كان التاريخ السياسي – لدى آلان تورين – هو تاريخ إزالة العقبات الاجتماعية التي تقف في وجه انتصار العقلانية.
إذن, بمقدورنا اعتبار أن فرع العلم السياسي هو نقطة التقاء علم الاجتماع بعلم النفس, إذ ليس للسياسة من مرتكزات سوى الطبيعة البشرية, وعليه تكون من أولويات السياسة تطوير الهوية الفردية نفسياً – المدعومة اجتماعياً.
إنما سقت جميع هذه التفاصيل لكي أضع ملاحظاتي في سياقها, من غير أن تبقى معلقة في الهواء, أو أن تظل مجرد تحفة كلامية.
إن استنطاق الما قبل في مستوى وجودنا – الشرقي- هو أن نتتبع الخيط الرفيع, ذاك الخيط الممتد في عمق تاريخ الشرق, حيث تجربة الواحد الكلياني بمسمياته ونهجاته ومصطلحاته القديمة والحديثة “الحاكم بأمر الله, ظله على الأرض, دولة الخلافة, الدولة الاشتراكية, ماركسيزم, نيوماركسيزم, إسلام ديمقراطي, أخوة الشعوب,…الخ”.
واحد كلياني في يقينية مذهب إيديولوجي, حيث الدوغم “المعتقد” مستودع المطلق, بحقائقه وأنصاف مفكرين وعقول عابثة بالحياة.
ملحوظة: كُتب المقال على أنغام دوي المدافع, وسيمفونية أزيز الرصاص, مع ذبحة صدرية نتيجة غياب مقومات التدفئة.
الحسكة في 30 \ 1 \ 2022