كثف المسؤولون الروس من تحركاتهم في الآونة الأخيرة بخصوص القضية السورية، كما من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة زيادة في التحركات، حيث من المفترض أن يلتقي الروس بوفدين من المعارضة أحدهما الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي أكد رئيسه خالد خوجة في تصريحات صحفية أمس ذهاب الائتلاف إلى موسكو.
ووفق قيادات في المعارضة السورية، فإن روسيا دعت مجموعات هامة من المعارضة لزيارة موسكو، وهو ما أكّده نائب وزير الخارجية الروسي، حيث سيقدم كل وفد على حدة تصوّره للحل الممكن في سورية. فيما يشير قياديون من المعارضة السورية أن هناك إمكانية لاجتماع المعارضة سوية على طاولة حوار لتقريب وجهات النظر والبحث عن آفاق للحل قابلة للتطبيق.
وتأتي هذه الاجتماعات المرتقبة بعد حراك روسي في الملف السوري تجلى في اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووزيري الخارجية الأمريكية “جون كيري” والروسي “سيرغي لافروف”. وفيما رأى دبلوماسيون فرنسيون أن اللقاء لم يحقق خرقاً جديداً في الملف السوري، إلا أن دبلوماسيين أوروبيين صرحوا لوكالة “آكي” الإيطالية، اليوم، أن التحرك الروسي الحاصل حالياً يتم بتفويض أمريكي بعد اللقاءات التي جمعت بين “كيري” و”لافروف” خلال الأسبوعين الأخيرين.
وعلى الرغم من التحرك المتسارع لروسيا إلا أنها ما تزال مصرة على موقفها في اعتبار نظام بشار الأسد شريكاً في مكافحة الإرهاب، والعمل على إعادة تأهيله عبر طرحه كجزء من الحل لا من المشكلة. وفي هذا السياق يؤكد معارضون سوريون على صلة بروسيا، أن الأخيرة لم تغير موقفها من القضية السورية، وأنها ما تزال مصرة على التوصل لتعاون يجمع بين النظام والمعارضة لإيقاف ما تسميه موسكو “التنظيمات الإرهابية والمتشددة”، وهو ما يقابل برفض من المعارضة التي ترى في قبول التعاون مع النظام إعادة لشرعيته.
السعودية وروسيا
وتقترب موسكو من تحركاتها في الملف السوري من الجانب الإيراني، الذي يسعى هو الأخر إلى المحافظة على بقاء الأسد في السلطة، وهو موقف من البلدين يتعارض مع السعودية التي ما زالت تصر على ضرورة رحيل الأسد عن السلطة وهو مطلب يماثل مطلب الحكومتين التركية والقطرية.
وبدا الخلاف المحوري بين السعودية وروسيا على مصير الأسد والرؤية إلى نظامه واضحاً من خلال التصريحات التي أدلى بها اليوم كل من وزير الخارجية الروسي “لافروف” ونظيره السعودي الجبير، وفيما تعتبر روسيا أنه ما من أدلة واضحة على التنسيق بين نظام الأسد وتنظيم “الدولة الإسلامية”، قال الجبير في مؤتمر صحفي إن “من بين الأسباب الرئيسية وراء ظهور تنظيم الدولة تصرفات الأسد الذي وجه أسلحته إلى شعبه وليس ضد التنظيم”.
وفي تعليقه على ما يدور من حديث حول سعي روسيا إلى تشكيل تحالف إقليمي مناهض للإرهاب يضم نظام الأسد، أكد الجبير عدم معرفته بأية مبادرة روسية في هذا السياق، مشدداً بالقول: “لا يمكن أن يكون بيننا وبين الأسد أي تعاون”.
وفي رده على قول الجبير بعدم علم الرياض بالمبادرة الروسية لتشكيل تحالف إقليمي، قال “لافروف”: “إننا لا نريد، كما لم يقصد الرئيس بوتين في مبادرته، تشكيل تحالف عسكري أو تقليدي، فنحن لا نسعى لجيش موحد أو قيادة موحدة”.
ويبرز الخلاف في وجهتي النظر السعودية والروسية حول شكل هيئة الحكم الانتقالية التي قد تتشكل كبداية للحل السياسي، وترى الرياض أن هيئة الحكم ينبغي أن تكون كاملة الصلاحيات وتتولى إعداد دستور جديد للبلاد، وتنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بما لا يضمن وجود الأسد، بينما تسعى روسيا والدول التي تشاطرها الرأي حول القضية السورية إلى أن يكون تشكيل هيئة الحكم على أساس أن يكون الأسد جزء منها.
ويشار إلى أنه ومع ظهور الخلافات بشكل واضحة في المؤتمر الصحفي الذي جمع الوزيرين، فإن الجبير علق في النهاية بالقول: إننا ” نشكر روسيا على حسن استقبالنا وكرم ضيافتها لي وللوفد المرافق، ما نتوافق عليه مع الروس كثير، وهناك نقاط اختلاف، إلا أن اختلافاتنا تكتيكية ولا تمس الجوانب الاستراتيجية كالوقوف في وجه الارهاب مثلا وضرورة ايجاد حل سياسي للازمة في سورية”، فرد عليه “لافروف”: “وأنا أوافق على كل ما جاء في كلام الوزير الجبير الأخير”.